للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٢/ ٢]. {الذي جعل لكم الأرض مهداً، وسلك فيها سُبلاً، وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجاً من نبات شتى} [طه:٥٣/ ٢٠] {هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها، وكلوا من رزقه، وإليه النشور} [الملك:١٥/ ٦٧].

واللام في (لكم) تفيد الاختصاص على جهة الانتفاع للمخاطبين، أي أن ذلك مختص بكم، مما يدل على أن الانتفاع بجميع مخلوقات الأرض، وما فيها من خيرات مأذون فيه، بل مطلوب شرعاً.

واعتبر الفقهاء تعلم أصول الحراثة والزراعة ونحوها مما تتم به المعايش التي بها قوام الدين والدنيا من فروض الكفاية (١)، لأن كل فرد من الأفراد عاجز عن القيام بكل ما يحتاج إليه (٢). وخصصوا باباً معيناً للكلام عن (إحياء الموات) أو بتعبيرنا (استصلاح الأراضي المتروكة) كما فصلوا في بحث (الزكاة) أحكام المعادن الجامدة والسائلة والركاز، ووضع الإمام أبو يوسف كتابه (الخراج) لهارون الرشيد أبان فيه كيفية استثمار الأرض وطرق الري من الأنهار الكبرى وموارد بيت المال من خراج ونحوه (٣).


(١) رد المحتار: ٤٠/ ١ الطرق الحكمية لابن قيم ص ٢٤٧، غاية المنتهى: ٤٤١/ ١، الشرح الكبير للدردير: ١٧٤/ ٢.
(٢) سمع النبي صلّى الله عليه وسلم علياً رضي الله عنه يقول: اللهم لا تحوجني إلى أحد من خلقك، فقال: لا تقل هكذا، ليس من أحد إلا وهو محتاج إلى الناس، قال: فكيف أقول؟ قال: قل: اللهم لاتحوجني إلى شرار خلقك. قلت: يا رسول الله ومن شر خلقه؟ قال: الذين إذا أعطوا أمنوا، وإذا منعوا عابوا. وسمع صلّى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه يقول: اللهم إني أسألك الصبر. فقال: سألت الله البلاء، فسله العافية. وسمع الإمام أحمد بن حنبل رجلاً يقول: اللهم لاتحوجني إلى أحد من خلقك. فقال: هذا رجل تمنى الموت (مغني المحتاج: ٢١٣/ ٤).
(٣) انظر فيه مثلاً: ص ٩١ - ١٠٢ و ١٠٩ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>