للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي آخر مراحل حياته عليه الصلاة والسلام أشهد ربه في حجة الوداع وغيرها على قيامه بواجب التبليغ، وأمر أن يبلِّغ الشاهد الغائب.

وبما أن الرسول صلّى الله عليه وسلم هو الأسوة الحسنة، فكان لزاماً على المسلمين حكاماً ورعية القيام بتبليغ الدعوة الإسلامية وإعداد الدعاة لها سواء في داخل إقليم الدولة أم في خارجه، وذلك بتخصيص فئة متعلمة تدرس الشريعة، وتتمثلها، وتصبح القدوة الصالحة ثم تتعلم اللغات الأجنبية، ثم ترسل إلى سائر البلاد للدعوة في سبيل الله (١) مع دعمها بكتب ومنشورات مبسطة عن الإسلام في عقائده وعباداته، وأحواله المدنية والشخصية، وقانونه الجزائي والدولي، وهذا من فروض الكفاية على الأمة الإسلامية، كما أرشد القرآن إليه في قوله عز شأنه: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} [آل عمران:١٠٤/ ٣] والخير: هو الإسلام وشرائعه التي شرعها الله لعباده، {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين، ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون} [التوبة:١٢٢/ ٩].

قال النووي: (ومن فروض الكفاية: القيام بإقامة الحجج وحل المشكلات في الدين، وبعلوم الشرع كتفسير وحديث، والفروع ـ الفقهية ـ بحيث يصلح للقضاء) (٢). فإذا لم تقم جماعة بهذا الواجب الكفائي أثم كل المسلمين كما هو معروف، لأن المخاطب بالآيات القرآنية السابقة هم كل المسلمين، فهم المكلفون أن يختاروا منهم طائفة تقوم بهذه الفريضة، فهنا فريضتان: إحداهما على جميع


(١) سأتكلم عن واجب نشر الدعوة خارج الدولة في المبحث الثاني.
(٢) المنهاج مع مغني المحتاج: ٢١٠/ ٤ وانظر مثل ذلك في غاية المنتهى عند الحنابلة: ٤٤١/ ١ والشرح الكبير للدردير عند المالكية: ١٧٤/ ٢، تفسير القرطبي: ١٦٥/ ٤، نسخة مصورة عن طبعة دار الكتب، تفسير الطبري: ٣٨/ ٤، ط الثانية الحلبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>