للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أـ شخصية الدولة: لا يتعرض لشؤون دولة أخرى غير مسلمة ما لم يوجد منها عدوان على المسلمين أو بلادهم ومصالحهم، إذ القتال لمن قاتلنا ولا عدوان إلا على الظالمين (١)، قال تعالى: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} [البقرة:١٩٠/ ٢] والأصل في علاقات المسلمين بغيرهم هو السلم لا الحرب (٢).

ولا تخضع شخصية الدولة غير المسلمة في بلادها أو أحد ممثليها لقضاء إسلامي أو نظام ضريبي؛ إذ لا سلطان للدولة الإسلامية على دار الحرب.

أما إذا كان رئيس الدولة الأجنبية (٣) أو رجال حاشيته في بلاد الإسلام، فإن الشريعة الإسلامية تطبق عليه ويخضعون للقضاء الإسلامي، خلافاً لما يقضي به العرف الدولي الحاضر؛ لأن الشريعة لا تفرق بين الحاكم والمحكومين، والمستأمن في بلادنا قد التزم بدخوله دارنا أحكام الإسلام، ولا حرج من محاكمة غير المسلم الذي ارتكب جريمة في دار الإسلام؛ لأن العدل أساس الحكم في الشريعة حتى مع الأعداء، وأما الخوف من اتخاذ الاتهام ذريعة للضغط فهو خوف في غير محله، لوجود وسائل ضغط أخرى أسرع وأجدى من الاتهام (٤) إلا أن أبا حنيفة لا يرى معاقبة المستأمن في دار الإسلام على جريمة تمس حقوق الجماعة، أما الجريمة التي تمس حق الأفراد فيعاقب عليها (٥)، فإن لم تقع جريمة في دار الإسلام من رئيس


(١) رسالة القتال لابن تيمية: ١ ص ١١٨، زاد المعاد لابن قيم: ٥٨/ ٢.
(٢) ر: جهاد.
(٣) الدولة الأجنبية: هي الدولة المحاربة التي تقوم في دار الحرب، أما الدول الإسلامية فلا تعتبر إحداها أجنبية بالنسبة للأخرى.
(٤) التشريع الجنائي الإسلامي: ٣٢٣/ ١ - ٣٢٥.
(٥) ر: للتفصيل في هذا المبحث: دار الإسلام ودار الحرب والتمثيل السياسي في الإسلام للمؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>