للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زواجاً (١)، فإن الزواج لا يتم إلا بانعقاد العقد المعروف، فيظل كل من الخاطبين أجنبياً عن الآخر، ولا يحل له الاطلاع إلا على المقدار المباح شرعاً وهو الوجه والكفان، كما سيأتي. نص قانون الأحوال الشخصية السوري (م٢) على ما يلي: الخطبة والوعد بالزواج وقراءة الفاتحة وقبض المهر وقبول الهدية، لا تكون زواجاً.

سادساً ـ الخطبة على الخطبة: يترتب على الخطبة أيضاً حرمة التقدم لخطبة المرأة ممن كان يعلم بتمام خطبتها لغيره، فقد أجمع العلماء على تحريم الخطبة الثانية على الخطبة الأولى إذا كان قد تم التصريح بالإجابة، ولم يأذن الخاطب الأول، ولم يترك الخطبة، فإن خطب الثاني وتزوج والحال هذه فقد عصى، باتفاق العلماء؛ لقوله صلّى الله عليه وسلم: «لا يبع أحدكم على بيع أخيه (٢)، ولا يخطب على خِطْبة أخيه، إلا أن يأذن له» (٣)، وفي رواية البخاري: «نهى أن يبيع الرجل على بيع أخيه، وأن يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله، أو يأذن له الخاطب» (٤).

هذا النهي صريح في تحريم الخطبة الثانية بعد تمام الموافقة على الخطبة الأولى لخطيب آخر، لما فيها من إيذاء الخاطب الأول، وتوريث عداوته، وزرع الضغينة في نفسه، فإن عدل أحد الطرفين أو أذن لغيره بالتقدم للخطبة، جاز ذلك.

أما إن لم تتم الخطبة الأولى، وكان الأمر في حال مشاورة أو تردد، فالأصح عدم التحريم، ولكن تكره عند الحنفية الخطبة، لإطلاق الأحاديث السابقة الواردة


(١) إن ما يشيع بين الناس من أن قراءة الفاتحة تبيح كل شيء هو غلط محض، ومنكر قبيح وجهل بأحكام الدين، فذلك كله مجرد وعد لا عقد، والعقد وحده هو الذي يبيح ما كان محرماً قبله.
(٢) ولكن استثني من ذلك بيع المزايدة: وهو البيع ممن يزيد، فليس من المنهي عنه، وهذه حالة المزاد العلني اليوم (سبل السلام: ٢٣/ ٣).
(٣) رواه أحمد ومسلم عن ابن عمر (نيل الأوطار:١٦٧/ ٥ - ١٦٨، سبل السلام: ٢٢/ ٣ - ٢٣، ١١٣).
(٤) ورواه أيضاً ابن خزيمة وابن الجارود والدارقطني.

<<  <  ج: ص:  >  >>