للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الثالث عشر ـ العدول عن الخطبة وأثره]

بما أن الخطبة ليست زواجاً، وإنما هي وعد بالزواج، فيجوز في رأي أكثر الفقهاء للخاطب أو المخطوبة العدول عن الخطبة (١)؛ لأنه ما لم يوجد العقد فلا إلزام ولا التزام. ولكن يطلب أدبياً ألا ينقض أحدهما وعده إلا لضرورة أو حاجة شديدة، مراعاة لحرمة البيوت وكرامة الفتاة. وينبغي الحكم على المخطوبة بالموضوعية المجردة، لا بالهوى أو بدون مسوغ معقول، فلا يعدل الخاطب عن عزمه الذي شاءه؛ لأن عدوله هو نقض للعهد أو الوعد، ويستحسن شرعاً وعرفاً التعجيل في العدول إذا بدا سبب واضح يقتضي ذلك، قال الله تعالى: {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً} [الإسراء:٣٤/ ١٧] وقال صلّى الله عليه وسلم: «اضمنوا لي ستاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدّوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم» (٢).

حكم انفساخ الخطبة أو أثره: لا يترتب على انفساخ الخطبة أي أثر ما دام لم يحصل عقد.

وأما ما قدمه الخاطب من مهر: فله أن يسترده، سواء أكان قائماً أم هالكاً أم مستهلكاً، وفي حال الهلاك أو الاستهلاك يرجع بقيمته إن كان قيمياً، وبمثله إن كان مثلياً، أياً كان سبب العدول، من جانب الخاطب أو من جانب المخطوبة. وهذا متفق عليه فقهاً (٣).


(١) نصت المادة (٣) من قانون الأحوال الشخصية السوري: «لكل من الخاطب والمخطوبة العدول عن الخطبة».
(٢) رواه أحمد وابن حبان والحاكم والبيهقي عن عبادة بن الصامت، وهو صحيح.
(٣) نصت المادة الثامنة من قانون حقوق العائلة العثماني على مايلي: «إذا امتنع أحد الزوجين - أي الخاطبين - أو توفي بعد الرضا بالزواج، فإن كان ما أعطاه الخاطب من أصل المهر موجوداً، يجوز استرداده عيناً، وإن كان قد تلف يجوز استرداده بدلاً».

<<  <  ج: ص:  >  >>