للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ً - البكر البالغة العاقلة: تثبت عليها عند الجمهور غير الحنفية ولاية الإجبار: لأن العلة هي البكارة، للمفهوم من حديث: «الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر في نفسها» فقد جعلت الثيب أحق بنفسها من وليها، ولم يجعل البكر أحق بنفسها من وليها كالثيب، وهذا هو الإجبار بعينه.

ولا تثبت عليها هذه الولاية عند الحنفية، لحديث: «والبكر تستأمر في نفسها» وفي رواية: «والبكر يستأمرها أبوها» والاستئمار: معناه طلب الأمر منها وهو الإذن، فيكون استئذانها أمراً ضرورياً، ولا يصح أن تزوج إلا برضاها. وقد أخرج النسائي وغيره عن عائشة: «أن فتاة دخلت عليها فقالت: إن أبي زوجني من ابن أخيه، يرفع بي خسيسته، وأنا كارهة، قال: اجلسي حتى يأتي رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأخبرته، فأرسل إلى أبيها، فدعاه، فجعل الأمر إليها، فقالت: يا رسول الله، قد أجزت ما صنع أبي، ولكن أردت أن أعلم النساء أن ليس للآباء من الأمر شيء» (١) والظاهر أنها بكر (٢). وهو يدل على أن البكر البالغة العاقلة لا تزوج إلا برضاها.

٣ً - الثيب البالغة العاقلة التي زالت بكارتها بأمر عارض كالضرب والوثب والعود ونحوها، أو زالت بكارتها بالزنا أوالغصب على المشهور عند المالكية: يزوجها الولي المجبر (الأب ووصيه) ولو عانساً بلغت ستين سنة أو أكثر؛ لأن ثبوت الولاية إنما هو للجهل بأمور الزواج ومصالحه، ومن زالت بكارتها بغير الزواج الصحيح، أو الفاسد الذي يدرأ الحد لشبهة لاتزال جاهلة بهذه الأمور، فتبقى الولاية عليها كالبكر البالغة.


(١) سبل السلام: ١٢٢/ ٣ وما بعدها، نيل الأوطار: ١٢٧/ ٦.
(٢) ولعلها البكر التي في حديث ابن عباس، وقد زوجها أبوها كفؤاً ابن أخيه، ونصه: «أن جارية بكراً أتت النبي صلّى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة، فخيرها رسول الله صلّى الله عليه وسلم» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وأعل بالإرسال.

<<  <  ج: ص:  >  >>