للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى والثانية، وبه حمى الإسلام المرأة من الضرر الذي كان يلحق بها، وراعى مصلحة الرجل حيث جعل للزوج حق الطلاق ثلاث مرات، وحرص الشرع على إبقاء العشرة بين الزوجين من طريق المراجعة مرتين فقط، لتحقق الكفاية فيهما لتدارك ما فرط، فقد يطلق الرجل لغضب سريع ثم يندم، وقد يطلق لسبب ثم يزول السبب، وقد يطلق لسوء عشرة المرأة، فتتألم من الفراق، وقد يكون لها أولاد، فتحرم من رؤيتهم، أو تتضايق من تربيتهم.

واشتراط التحليل، أي الزواج برجل آخر، لحل رجوع المرأة إلى المطلِّق بعد الطلقة الثالثة، يحمل الزوج على الإمساك عن إيقاع الطلقة الثالثة، ويدفعه إلى الحرص على إبقاء الزوجية؛ لأن الرجل بحكم الغَيرة والحمية يأنف من مثل هذا الفعل، فكأنه في حكم الباب المسدود، وكأنه إحالة على شيء عسير الحصول بعيد التحقق.

ماالذي تعود به المرأة بعد التحليل؟ من طلق طلقة واحدة أو اثنتين، فنكحها زوج غيره، ودخل بها، ثم نكحها الأول، بنى الأول عند المالكية والشافعية والحنابلة (١) على ما كان من عدد الطلقات، أي فتعود إليه بما بقي له من الطلاق، فلو طلقها ثلاثاً ثم نكحها بعد زوج غيره، استأنف عدد الطلقات كنكاح جديد، أي فتعود له بطلقات ثلاث: لأن الزواج الثاني لا يهدم ما دون الثلاث، ويهدم الثلاث؛ لأن وطء الثاني لا يحتاج إليه في الإحلال للزوج الأول فيما دون الثلاث، فلا يغير حكم الطلاق، ولأنه تزويج قبل استيفاء الثلاث، فأشبه ما لو رجعت إليه قبل وطء الثاني. وهذا رأي محمد أيضاً؛ لأنه لا إنهاء للحرمة قبل الثبوت.


(١) القوانين الفقهية: ص ٢٢٦، مغني المحتاج: ٢٩٣/ ٣، المغني: ٢٦١/ ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>