للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها ـ ما روى مالك في الموطأ أن رجلاً جاء إلى ابن مسعود، فقال: إني طلقت امرأتي ثماني تطليقات، فقال: ما قيل لك؟ فقال: قيل لي: بانت منك، قال: هو مثل ما يقولون.

ومنها ـ ما أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه: «أن رجلاً جاء إلى عثمان بن عفان، فقال: إني طلقت امرأتي مئة، فقال: ثلاث تحرمها عليك، وسبع وتسعون عدوان».

وروى أيضاً: «أن رجلاً جاء إلى علي بن أبي طالب فقال: إني طلقت امرأتي ألفاً، فقال: بانت منك بثلاث».

وثبت مثله عن صحابة آخرين، وعن التابعين ومن بعدهم.

٥ً - القياس: قال ابن قدامة (١): إن النكاح ملك يصح إزالته متفرقاً، فصح مجتمعاً كسائر الأملاك. وناقشه ابن القيم بأن المُطلّق إذا جمع ما أمر بتفريقه، فقد تعدى حدود الله وخالف ما شرعه.

وقال القرطبي (٢): وحجة الجمهور من جهة اللزوم ظاهرة جداً: وهو أن المطلقة ثلاثاً لا تحل للمطلق حتى تنكح زوجاً غيره، ولا فرق بين مجموعها ومفرقها لغة وشرعاً. ونوقش بأن من قال: (أحلف بالله ثلاثاً) لا يعد حلفه إلا يميناً واحدة، فليكن المطلق مثله. ورد عليه باختلاف الصيغتين، فإن عدد الطلاق ثلاث، وأما الحلف فلا أمد لعدد أيمانه، فافترقا.

والذي يظهر لي رجحان رأي الجمهور: وهو وقوع الطلاق ثلاثاً إذا طلق


(١) المغني: ١٠٥/ ٧.
(٢) فتح الباري: ٣٦٥/ ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>