للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجاهلية السنة والسنتين وأكثر من ذلك، فوقَّته الله أربعة أشهر» فمن كان إيلاؤه أقل من أربعة أشهر، فليس بإيلاء، أي أن الشرع أقره طلاقاً وزاد فيه الأجل.

والأصل في تنظيم يمين الإيلاء وحكمه قوله تعالى: {للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر، فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم، وإن عزموا الطلاق، فإن الله سميع عليم} [البقرة:٢٢٦/ ٢ - ٢٢٧].

وعدِّي الإيلاء في الآية بمن، والأصل أن يعدى بعلى، لأن كلمة (يؤلون) ضُمِّنت معنى: يعتزلون أو معنى البعد، كأنه قال: يؤلون مبعدين أنفسهم من نسائهم. والفيء: الرجوع لغة، والمراد به فقهاً: الجماع، بالاتفاق.

والإيلاء: حرام عند الجمهور للإيذاء، ولأنه يمين على ترك واجب، مكروه تحريماً عند الحنفية.

والإيلاء شرعاً: الحلف ـ بالله تعالى أو بصفة من صفاته أو بنذر أو تعليق طلاق ـ على ترك قربان زوجته مدة مخصوصة. وهذا تعريف الحنفية (١) فلا يصح إيلاء الصبي والمجنون، ويصح عندهم إيلاء الكافر؛ لأنه من أهل الطلاق. وعرفه المالكية (٢) بأنه حلف زوج مسلم مكلف ممكن الوطء بما يدل على ترك وطء زوجته غير المرضع أكثر من أربعة أشهر، سواء أكان الحلف بالله أم بصفة من صفاته، أم بالطلاق، أم بمشي إلى مكة، أم بالتزام قربة.

يتبين من التعريف أن الإيلاء يختص عند المالكية بالزوج المسلم لا الكافر، وبالمكلف (البالغ العاقل) لا الصبي والمجنون، وبالممكن وطؤه ولو سكراناً، لا


(١) الدر المختار: ٧٤٩/ ٢، اللباب: ٥٩/ ٣، البدائع: ١٦١/ ٣.
(٢) الشرح الصغير: ٦١٩/ ٢ وما بعدها، الشرح الكبير: ٤٢٦/ ٢ وما بعدها، القوانين الفقهية: ص٢٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>