للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتقدم: «ألقه على بلال، فإنه أندى منك صوتاً» أي أبعد، ولزيادة الإبلاغ، وليرقّ قلب السامع، ويميل إلى الإجابة، ولأن الداعي ينبغي أن يكون حلو المقال، وروى الدارمي وابن خزيمة: أن النبي صلّى الله عليه وسلم أمر عشرين رجلاً، فأذنوا، فأعجبه صوت أبي محذورة، فعلّمه الأذان.

أما رفع الصوت: فليكون أبلغ في إعلامه، وأعظم لثوابه، كما ذكر حديث أبي سعيد: «إذا كنت في غنمك .. » ولما رواه الخمسة إلا الترمذي عن أبي هريرة أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «المؤذن يغفر له مدَّ صوته، ويشهد له كل رطب ويابس»، ولكن لا يجهد نفسه في رفع صوته زيادة على طاقته، لئلا يضر بنفسه، وينقطع صوته. ويسن رفع الصوت بالأذان لمنفرد فوق ما يسمع نفسه، ولمن يؤذن لجماعة فوق ما يسمع واحداً منهم، ويخفض صوته في مصلى أقيمت فيه جماعة.

وكونه على مرتفع، ليكون أيضاً أبلغ لتأدية صوته، روى أبو داود عن عروة ابن الزبير عن امرأته من بني النجار، قالت: «كان بيتي من أطول بيت حول المسجد، وكان بلال يؤذن عليه الفجر، فيأتي بسحَر (وهو السدس الأخير من الليل)، فيجلس على البيت ينظر إلى الفجر، فإذا صلى رآه تمطى، ثم قال: اللهم إني أستعينك وأستعديك على قريش: أن يقيموا دينك، قالت: ثم يؤذن» (١) وكونه بقرب المسجد؛ لأنه دعاء إلى الجماعة وهي فيه أفضل (٢)


(١) نصب الراية: ٢٩٢/ ١.
(٢) وقال ابن سعد بالسند إلى أم زيد بن ثابت: كان بيتي أطول بيت حول المسجد، فكان بلال يؤذن فوقه من أول ماأذن، إلى أن بنى رسول الله صلّى الله عليه وسلم مسجده، فكان يؤذن بعد، على ظهر المسجد، وقد رفع له شيء فوق ظهره.
وأول من رقى منارة مصر للأذان: شرحبيل بن عامر المرادي. وبنى سلمة المناير للأذان بأمر معاوية، ولم تكن قبل ذلك (رد المحتار:٣٦٠/ ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>