للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن يقين.

والنفي لنسب ولد يكون على الفور في الأظهر الجديد؛ لأنه شرع لدفع ضرر محقق، فكان على الفور مثل الرد بالعيب وخيار الشفعة، لكن إن سكت عن النفي لعذر كأن بلغه الخبر ليلاً فأخر حتى يصبح أو كان جائعاًً فأكل، أو عارياً فلبس، صح تأخيره النفي للعذر.

ولم يجز الحنابلة (١) كالحنفية نفي الحمل قبل الوضع، ولا ينتفي حتى يلاعنها بعد الوضع وينتفي الولد فيه؛ لأن الحمل غير متيقن، يجوز أن يكون انتفاخاً أو ريحاً. واشترطوا كالشافعية أن يكون النفي عقب الولادة، فإذا ولدت المرأة ولداً فسكت عن نفيه مع إمكانه، لزمه نسبه، ولم يكن له نفيه بعدئذ.

والحاصل أن للفقهاء رأيين في نفي الحمل: رأي الحنفية والحنابلة بعدم الجواز لاحتمال كونه غير حمل، ورأي المالكية والشافعية بالجواز، محتجين بحديث هلال بن أمية وأنه نفى حملها، فنفاه عنه النبي صلّى الله عليه وسلم، وألحقه بالأول، ولا خفاء بأنه كان حملاً، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «انظروها، فإن جاءت به كذا وكذا» ولأن الحمل مظنون بأمارات تدل عليه، ولأنه يصح استلحاق الحمل، فكان نفيه كنفي الولد بعد وضعه. قال ابن قدامة: وهذا القول هو الصحيح لموافقته ظواهر الأحاديث، وما خالف الحديث لا يعبأ به كائناً ما كان.

وشرط اللعان: التعجيل عند الجمهور بعد علم الزوج بالحمل أو الولد، وأجاز أبو حنيفة اللعان عقب الولادة أو بعدها بسبعة أيام.

[المطلب الثاني ـ مشروعية اللعان]

شرع اللعان بين الزوجين بقوله تعالى: {والذين يرمون أزواجهم، ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسُهم، فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله، إنه لمن الصادقين،


(١) المغني: ٤٢٣/ ٧ - ٤٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>