للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما نفقة الحيوان: فيجب على المالك إطعام بهائمه ولو مرضت، وسقيها وريها، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «عُذّبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت جوعاً، لا هي أطعمتها، ولا هي أرسلتها تأكل حشاش الأرض» (١). ويحرم عليه أن يحملها ما لا تطيق؛ لأن الشارع منع تكليف العبد ما لا يطيق، فوجب أن تكون البهيمة مثله، ولأن فيه تعذيباً للحيوان الذي له حرمة في نفسه، وإضراراً به (٢).

ويحرم أن يحلب من لبنها ما يضر بولدها؛ لأنه غذاء للولد، فلا يجوز منعه، ولأن كفايته واجبة على مالكه. ويسن أن يقلم أظفاره لئلا يؤذيها عند الحلب. كما يجب إبقاء شيء من العسل في الخلية بقدر حاجة النحل إذا لم يكفه غيره.

وإن امتنع المالك من الإنفاق على بهيمة، أجبر عليه عند الجمهور قضاء وديانة، كما يجبر على نفقة زوجته. وإن لم يكن له مال أكري عليه إن أمكن كراؤه، فإن لم يمكن بيع عليه. وقال الحنفية: لا يجبر قضاء على نفقة البهائم، في ظاهر الرواية، ولكنه يفتى فيما بينه وبين الله تعالى أي ديانة أن ينفق عليها. ولا يجبر أيضاً على نفقة الجمادات كالدور والعقار ولا يفتى أيضاً بالوجوب، لكن يكره له تحريماً تضييع المال.

ويحرم وسم في الوجه وضرب عليه؛ لأنه صلّى الله عليه وسلم لعن من وسم أو ضرب الوجه، ونهى عنه، كما يحرم ضرب وجه الآدمي، بل الحرمة أشد؛ لأنه أعظم حرمة. ويحرم على المالك التحريش بين الديكة أو الثيران أو غيرها، لما فيه من تعذيبها. ويحرم عليه ـ كما تقدم ـ تكليف الدابة ما لا تطيق من ثقل الحمل أو إدامة السير أو نحوهما.


(١) متفق عليه عن ابن عمر مرفوعاً.
(٢) المهذب: ١٦٨/ ٢ وما بعدها، كشاف القناع: ٥٧٣/ ٥ وما بعدها، البدائع: ٤٠/ ٤، القوانين الفقهية: ص ٢٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>