للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد بينت في المبحث الأول أن الوصية تنعقد بالعبارة وبالكتابة، وكذا بالإشارة المفهمة عند المالكية. ونص القانون المصري (م٢/أ) والسوري (٢٠٨) على طرق إنشاء الوصية، وذكر أنها تنعقد بالعبارة أو الكتابة لمن قدر عليهما. فإن لم يكن قادراً عليهما انعقدت الوصية بالإشارة المفهمة الدالة على ذلك، وأخذ القانون بمذهب الشافعية، فسوى في حالة العجز عن الكتابة أو العبارة بين العجز الأصلي كالخرس، والعجز بسبب طارئ كالمرض. واعتبرت الإشارة حجة للحاجة إليها في إثبات حقوق العباد.

وتثبت الوصية بطرق الإثبات الشرعية كالشهادة والكتابة. أما الكتابة: فمعتبرة عند الحنفية (١) إذا كانت مستبينة مرسومة أي مسطرة على ورق ونحوه، ومعنونة أي مصدَّرة بالعنوان: وهو أن يكتب في صدر الكتاب من فلان إلى فلان، فإن لم تكن مستبينة كالكتابة على الهواء والرَّقْم على الماء فلا تعتبر، وإن كانت مستبينة غير مرسومة كالكتابة على الجدران وأوراق الأشجار، فهي كناية لابد فيها من النية. ولكن لايقضى بالخط المجرد عندهم إلا في مسائل: كتاب أهل الحرب بطلب الأمان إلى الإمام، ودفتر السمسار والصراف والبياع.

وأما الشهادة على كتاب الوصية: فتكون عند الحنفية والشافعية (٢) بعد

قراءته على الشهود، فيسمع الشهود من الموصي مضمونه، أو تقرأ عليه فيقر بما فيها؛ لأن الحكم لايجوز برؤية خط الشاهد بالشهادة بالإجماع. لكن تنعقد الوصية عند الشافعية بالكتابة بأن نوى بالمكتوب الوصية، وأعرب بالنية نطقاً، أو أقرَّ بها ورثته بعد موته. ولاتثبت الوصية بالخط المجرد عند الحنفية والشافعية لإمكان التزوير وتشابه الخطوط.


(١) تكملة الفتح والعناية: ٥١١/ ٨ ومابعدها، الفتاوى الهندية: ٣٤٧/ ٢، رد المحتار: ٤٤٣/ ٣.
(٢) مغني المحتاج: ٥٣/ ٣، ٣٩٩/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>