للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما غير المعاين للكعبة ففرضه عند الجمهور (غير الشافعية) إصابة جهة الكعبة (١)، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «ما بين المشرق والمغرب قبلة» (٢) وظاهره أن جميع ما بينهما قبلة، ولأنه لو كان الفرض إصابة عين الكعبة، لما صحت صلاة أهل الصف الطويل على خط مستو، ولا صلاة اثنين متباعدين يستقبلان قبلة واحدة، فإنه لا يجوز أن يتوجه إلى الكعبة مع طول الصف إلا بقدرها. وهذا هو الأرجح لدي.

وقال الشافعي في الأم: فرضه ـ أي الغائب عن مكة ـ إصابة العين أي عين الكعبة؛ لأن من لزمه فرض القبلة، لزمه إصابة العين، كالمكي، ولقوله تعالى: {وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره} [البقرة:١٥٠/ ٢]، أي أنه يجب عليه التوجه إلى الكعبة، فلزمه التوجه إلى عينها كالمعاين (٣).

والمطلوب عند أئمة المذاهب في إصابة جهة الكعبة محاذاتها ببدنه وبنظره إليها (٤)، بأن يبقى شيء من الوجه مسامتاً (محاذياً) للكعبة، أو لهوائها عند الجمهور غير المالكية، بحيث لو امتد خط من وجهه في منتصف زاوية قائمة، لكان ماراً على الكعبة أو هوائها، والكعبة: من الأرض السابعة إلى العرش، فمن صلى في الجبال العالية والآبار العميقة السافلة، جاز، كما يجوز على سطحها وفي جوفها، ولو افترض زوالها، صحت الصلاة إلى موضع جدارها.


(١) الدر المختار:٣٩٧/ ١ - ٤٠٦، الشرح الصغير:٢٩٢/ ١ - ٢٩٦، الشرح الكبير:٢٢٢/ ١،٢٢٨، القوانين الفقهية: ص٥٥، كشاف القناع:٣٥٠/ ١،٣٦٤، المغني:٣٥٠،٣٦٤، المغني:٤٣١/ ١ - ٤٥٢، اللباب: ٦٧/ ١، مراقي الفلاح: ص٣٤، تبيين الحقائق:١٠٠/ ١ ومابعدها.
(٢) رواه ابن ماجه، والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، عن أبي هريرة. وهذا في قبلة أهل المدينة والشام.
(٣) المجموع:١٩٤/ ٣، ٢١٢، المهذب:٦٧/ ١، حاشية الباجوري: ١٤٧/ ١ ومابعدها.
(٤) قال الشافعية: يجب استقبالها حقيقة في الواقف والجالس، وحكماً في الراكع والساجد، ويجب استقبالها بالصدر والوجه لمن كان مضطجعاً، وبالوجه والأخمصين إن كان مستلقياً.

<<  <  ج: ص:  >  >>