للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفرع الأول ـ المذاهب أو الآراء التي يمكن الأخذ بها]

إن الثروة الفقهية الضخمة التي تنتظم كل الأحكام الكفيلة بحل مشكلات الناس، والتي خلفها لنا سلفنا الصالح، لاتقتصر على المذاهب الفقهية الأربعة (المالكية، والحنفية، والشافعية، والحنبلية) وإنما تشمل كل المذاهب المعروفة، مااشتهر منها وماانقرض كمذهب الليث بن سعد، والأوزاعي وابن جرير الطبري وداود الظاهري والثوري، ومذاهب أهل السنة والشيعة الإمامية والزيدية، والإباضية والظاهرية، وآراء الصحابة والتابعين وتابعي التابعين، فقد نجد فيها مايؤدي لنا فائدة كبرى في نهضتنا المرجوة، لأن ذلك أولى من أخذ أحكام غير شرعية ذات مصدر غربي أو شرقي، ودين الله يسر لاعسر، ولاحرج في دين الله. وتحقيق المصالح والحاجات أمر مطلوب شرعاً. وعلى هذا فإن المشرع واضع القوانين لاحرج عليه في الاختيار من كل هذه الآراء والمذاهب الاجتهادية. وأما القاضي فأرى أن يتقيد بما هو مقرر في المذاهب الأربعة عملاً بالعرف العام الشائع، ومن المعلوم أن هذا العرف يخصص النص. وأكاد أجزم أن المشرع حينما أحال إلى المشهور من أيسر المذاهب قصد المذاهب المعمول بها غالباً في الدول الإسلامية. والمذاهب: هي آراء المجتهدين.

ومما يدل على سلامة اتجاه المشرع القانوني أن جمهور المسلمين يرون ترجيح نظرية (المخطئة) القائلين بأن الحق واحد لايتعدد، وأن المجتهد المصيب في اجتهاده هو واحد، وغيره هو المخطئ، ولكن لاإثم عليه في الخطأ، لأنه مكلف بالعمل بما أداه إليه اجتهاده، وبما غلب على ظنه،

فقالوا: «الصواب الذي لاصواب غيره أن دين الله واحد، وهو ماأنزل الله به كتابه، وأرسل به رسوله، وارتضاه لعباده، كما أن نبيه واحد، وقبلته واحدة، فمن وافقه فهو المصيب وله أجران، ومن أخطأه فله

<<  <  ج: ص:  >  >>