للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: «إذا قلت هذا، أو فعلت هذا، فقد تمت صلاتك» (١) أي إذا قلت التشهد أو فعلت القعود، فقد تمت صلاتك. فإنه صلّى الله عليه وسلم علق تمام الصلاة بالفعل، وهو القعود، سواء قرأ التشهد أو لم يقرأ، لأنه علقه بأحد الأمرين من قرادة التشهد والقعود، والقراءة لم تشرع بدون القعود، حيث لم يفعلها رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلا فيه، فكان القعود هو المعلق به تمام الصلاة في الحقيقة، لاستلزامه القراءة، وكل ما علق بشيء لا يوجد بدونه، وبما أن تمام الصلاة واجب، أو فرض، وتمام الصلاة لا يوجد بدون القعود، فالقعود واجب أي فرض؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

وكون خبر ابن مسعود خبر آحاد أثبت الفرضية، فلأنه بيان لمجمل الكتاب، ويصلح البيان الظني لذلك، بخلاف قراءة الفاتحة مع نص القرآن؛ لأن نص القراءة ليس بمجمل، بل هو خاص، فتكون الزيادة عليه نسخاً بخبر الواحد، وهو لايجوز.

واستدل المالكية على أن التشهد والقعود ليسا بواجب: بأنهما يسقطان بالسهو، فأشبها السنن.

وأما الشافعية والحنابلة فاستدلوا: بأن النبي صلّى الله عليه وسلم فعل الجلوس، وداوم على فعله، وأمر به في حديث ابن عباس، وقال: «قولوا: التحيات لله» (٢) وسجد للسهو حين نسيه، وقد قال عليه السلام: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، وقال ابن


(١) هذه رواية مدرجة عند الدارقظني، فهي في حكم الموقوف عليه. وهناك لفظ آخر عند أبي دواد وأحمد: ((وإذا قلت هذا، وقضيت هذا، فقد قضيت صلاتك، إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد)) (نيل الأوطار: ٢/ ٢٩٨، نصيب الراية: ١/ ٤٢٤) وسيأتي في ركن السلام حديث آخر للحنفية.
(٢) رواه مسلم وأبو داود (نيل الأوطار: ٢/ ٢٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>