للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحنفية: ولا يجوز أن يدعو في صلاته بما يشبه كلام الناس، مثل (اللهم ارزقني كذا) مثلاً، أو بما لا يستحيل حصوله من الناس مثل: (اللهم زوجني فلانة) مثلاً، وهومكروه تحريماً، ويُبطل الصلاة إن وجد قبل القعود للتشهد الأخير وقدر التشهد، ويفوت الواجب لوجوده بعد القعود قبل السلام بخروجه به من الصلاة دون السلام.

وقد استدلوا بحديث مسلم السابق: «إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن».

وأجاز غير الحنفية الدعاء بماشاء الإنسان، بدليل ما ثبت في السنة عن بعض الصحابة كابن مسعود وأبي هريرة (١) وغيرهما، وبدليل حديث ابن مسعود السابق في التشهد: «ثم ليختر من الدعاء أعجبه إليه، فيدعو به»، وفي رواية: «ثم يتخير من المسألة ما شاء»، وفي رواية «ليتخير بعد من الكلام ما شاء» (٢).

الدعاء بالعربية: يكون الدعاء بالعربية باتفاق الفقهاء، قال الحنفية: الدعاء بغير العربية حرام، لكن تصح أذكار الصلاة عند أبي حنيفة خلافاً لصاحبيه بغير العربية، مع الكراهة التحريمية. وقال الشافعية: ويترجم للدعاء والذكر المندوب العاجز عنه بالعربية لعذره، لا القادر عليه في الأصح لعدم عذره (٣).


(١) قد ورد في الدعاء بعد التشهد ألفاظ أخرى، منها ما روى أبو داود عن ابن مسعود «أنه صلّى الله عليه وسلم كان يعلمهم من الدعاء بعد التشهد: اللهم ألف على الخير بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، ونجنا من الظلمات إلى النور، وجنبنا الفواحش والفتن، ماظهر منها وما بطن، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا وأزواجنا وذرياتنا، وتب علينا، إنك أنت التواب الرحيم، واجعلنا شاكرين لنعمتك مثنين بها قابليها وأتمها علينا». وأخرج أبو داود أيضاً عن أبي هريرة: «أنه صلّى الله عليه وسلم قال لرجل: كيف تقول في الصلاة؟ قال: أتشهَّد، ثم أقول: اللهم إني أسألك الجنة، وأعوذ بك من النار، أما إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ، فقال صلّى الله عليه وسلم: حول ذلك ندندن أنا ومعاذ» وفيه أنه يدعو الإنسان بأي لفظ شاء من مأثور وغيره (سبل السلام:١٩٥/ ١).
(٢) الرواية الأولى والثانية عن أحمد، والثالثة عند البخاري (نصب الراية:٤٢٨/ ١).
(٣) مغني المحتاج:١٧٧/ ١، الدر المختار:٤٨٦/ ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>