للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لهما منعه من الحج المفروض (١)، ويأثمان بمنعه، ومتى حج بغير إِذنهما صح حجه مطلقًا -وإِن كان عاصيًا في التطوع-، وله السفر في طلب العلم بغير إِذنهما (٢).


(١) نسخة "أ": من حج الفرض.
(٢) ويجوز للأبوين ولمن علا منعُ الولدِ وإن سفل، غير المكي من الإحرام بتطوع حج أو عمرة، ابتداءً ودوامًا، بأن يأمره بالتحلل فيلزمه، إذ التطوع أولى باعتبار إذنهما فيه من فرض الكفاية، لما صح من قوله - صلى الله عليه وسلم -: لمن استأذنه في الجهاد: "ألك أبوان؟ ".
قال نعم.
قال: "استأذنتهما؟ ".
قال: لا.
قال: "ففيهما فجاهد".
دون الفرض، أي حجة الإسلام وعمرته أداءً وقضاءً.
ومثلهما النذر فليس له منعه منه ولو فقيرًا؛ لأنه إذا تكلفه أجزأه عن فرضه.
نعم للأصل منع فرعه من الفرض لنحو خوف طريق، ولغرض شرعي: كسفره مع غير مأمونين أو ماشيًا وهو لا يطيقه.
وله منعه من السفر حتى يترك له نفقة، أومنفقًا حيث وجبت مؤنته عليه.
وله منعه إذا كان الولد أمردًا يخاف عليه. وندب استئذان أصل في الفرض، فإن أذن وإلا أخر ما لم يتضيق كالقضاء. اهـ. بشرى الكريم ٢/ ١٢١.
أقول:
لقد اتفق العلماء سلفًا وخلفًا على أن الولد له أن يسافر لطلب العلم ولو لم يأذنا له.
ولكن يا ترى ما المراد من العلم؟ فهل هو علم الحديث الذي لا يُبتغى من ورائه إلا الدنيا التي طغت على العقول، ولعبت دورها بأبنائها حتى أصبحوا عبيدًا لها، أم المراد من العلم الذي يزيده قربًا من دار الخلود، وبعدًا من دار الغرور والذي يزيده حبًا في مولاه وبغضًا فيما سواه، العلم الذي يزيده فقهًا في الدين، وقربًا من رب العالمين. فهنا يجب علينا أن نقف قليلًا عند هذه المقاطع متأملين ومتألمين بما صار إليه اليوم معظم المسلمين.
ومع ذلك إذا أردت أن تعرف نفسك والإخلاص في علمك فاقرأ كتاب "بداية الهداية" للإمام الغزالي فهو يدلك على الصواب، وَيَنْظِمُك في سلك الأحباب إن شاء الله تعالى. اهـ. محمد.

<<  <   >  >>