للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الغالب أنّ هذه الكلمة تطلق على المعصية، والمعصية: هي مخالفة الشريعة بارتكاب ما نهت عنه، أو ترك ما أمرت به، سواء كانت المعصية من صغائر الذنوب أو كبائرها، وسواء تعلقت بحق الله أو بحق العبد، وسواء ورد بها نص شرعي خاص، أو عرف حكمها من قواعد الشريعة وأصولها العامة، وما أرشدت إليه من مصادر، وسواء كانت المعصية من أعمال القلوب، أو أعمال الجوارح.

ولكن كلمة المنكر في باب الحسبة تطلق على معنى أوسع مما ذكرناه، فتطلق على كل فعل فيه مفسدة، أو نهت الشريعة عنه، وإن كان لا يعتبر معصية في حق فاعله، إما لصغر سنه أو لعدم عقله؛ ولهذا إذا زنا المجنون، أو هم بالزنا، وإذا شرب الصبي الخمر كان ما فعلاه منكرًا، يستحق الإنكار، وإن لم يعتبر معصية في حقهما؛ لفوات شرط التكليف، وهو العقل والبلوغ.

والجهةُ التي تملك إعطاء وصف المنكر لأي فعل أو ترك هي الشريعة الإسلامية؛ لأنّ إعطاء هذا الوصف حكم شرعي، والحاكم هو الله تعالى، كما قال -عز وجل-: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} (يوسف: ٤٠) وما على الفقهاء إلا التعرف على حكم الله، فعملهم هو كشف عن الحكم الشرعي، وليس إنشاء للحكم الشرعي.

ولهذا إذا تبين خطؤهم لم نتابعهم عليه؛ لأن الحجة فيما بينه الشرع، وقد ظهر لنا، ولأن مهمة الفقهاء الكشف وليس الإنشاء كما قلنا.

وقد يعترض البعض علينا بأن الفقهاء قالوا: إن ما رآه المسلمون حسنًا أو قبيحًا دخل في موضوع الحسبة أمرًا بالأول ونهيًا عن الثاني، فكيف نوفق بين هذا القول، وبين ما قلناه؟

<<  <   >  >>