للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن حكاياتهم -رضي الله عنهم- ما روي عن الأوزاعي قال: بعث إلي أبو جعفر المنصور أمير المؤمنين وأنا بالساحل، فأتيته، فلما وصلت إليه وسلمت عليه بالخلافة رد علي واستجلسني، ثم قال: ما الذي أبطأ بك عنا يا أوزاعي؟ قال: قلت: وما الذي تريده يا أمير المؤمنين؟ قال: أريد الأخذ عنكم والاقتباس منكم، قال: فقلت: فانظر يا أمير المؤمنين ألا تجهل شيئًا مما أقول لك، قال: وكيف أجهله وأنا أسألك عنه، وفيه وجهت إليك وأقدمتك له، قال: قلت: أخاف أن تسمعه ثم لا تعمل به، قال: فصاح بي الربيع وأهوى بيده إلى السيف فانتهره المنصور، وقال: هذا مجلس مثوبة لا مجلس عقوبة، فطابت نفسي وانبسطت في الكلام، فقلت: يا أمير المؤمنين حدثني مكحول عن عطية بن بشر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أيما عبد جاءته موعظة من الله في دينه فإنها نعمة من الله سيقت إليه؛ فإن قبلها بشكر وإلا كانت حجة من الله عليه ليزداد بها إثمًا، ويزداد الله بها سخطًا عليه)).

يا أمير المؤمنين حدثني مكحول عن عطية بن ياسر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أيما وال مات غاشًّا لرعيته حرم الله عليه الجنة)) يا أمير المؤمنين من كره الحق فقد كره الله؛ فإن الله هو الحق المبين، إن الذي لين قلوب أمتكم لكم حين ولاكم أمورهم لقرابتكم من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد كان بهم رءوفًا رحيمًا، مواسيًا لهم بنفسه في ذات يده، محمودًا عند الله وعند الناس، فحقيق بك أن تقوم له فيهم بالحق، وأن تكون بالقسط له فيهم قائمًا، ولعوراتهم ساترًا، لا تغلق عليك دونهم الأبواب، ولا تقيم دونهم الحجاب، تبتهج بالنعمة عندهم، وتبتئس بما أصابهم من سوء، يا أمير المؤمنين قد كنت في شغل شاغل من خاصة نفسك عن عامة الناس الذين أصبحت تملكهم أحمرهم وأسودهم، مسلمهم وكافرهم، وكل له عليك ن صيب من العدل، فكيف بك إذا انبعث

<<  <   >  >>