للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

متقلدًا لتنفيذها، مجردًا عزمه لهذه السنة الداثرة، ناهضًا بأعبائها، ومشمرًا في إحيائها، كان متأثرًا من بين الخلق باحتسابه، ومستندًا بقربة ينال بها درجات القرب دون أجناس".

وقال الإمام النووي -رحمه الله-: "اعلم أن هذا الباب -أعني باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- قد ضُيع أكثره من أزمان متطاولة، ولم يبق منه في هذه الأزمان إلا رسوم قليلة جدًّا، وهو باب عظيم، به قوام الأمر وملاكه، وإذا كثر الخبث عم العقاب الصالح والطالح، وإذا لم يأخذوا على يد الظالم أوشك أن يعمهم الله بعقابه كما قال سبحانه: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (النور: ٦٣).

فينبغي لطالب الآخرة والساعي في تحصيل رضا الله -عز وجل أن يعتني بهذا الباب فإن نفعه عظيم، لا سيما وقد ذهب معظمة، ويخلص نيته، ولا يهابن من ينكر عليه بارتفاع مرتبته، فإن الله تعالى قال: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} (الحج: ٤٠)، وقال سبحانه وتعالى: {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (آل عمران: ١٠١)، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (العنكبوت: ٦٩)، وقال تعالى: {الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} (العنكبوت ١ - ٣) ".

ثم قال -رحمه الله-: "واعلم أن الأجر على قدر النصب، ولا يتاركه أيضًا لصداقته" أي: ولا يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكون فلان صديقًا له، ولا يتاركه أيضًا لصداقته ومودته ومداهنته وطلب الوجاهة عنده، ودوام المنزلة لديه، فإن صداقته ومودته توجب له حرمة وحقًّا، ومن حقه أن

<<  <   >  >>