للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في البسملة النازلة في أول كتاب نزل، فحاولوا أجوبة غير مرضية، وبه يجمع أئمتنا بين ما ذكر وبين قول السيوطي: إن البسملة من خصائص هذه الأمة، فمعنى خصوصيتها ما فيها من المزايا والخواص التي اختصت بها لغة العرب، وإن كانت وردت في غير لغتهم؛ لأنها ليس لها من المزايا ما للغة العرب، ألا ترى أن العلماء استنبطوا من لغة العرب اثني عشر علما، ولم نسمع أحدا لا من العلماء ولا من غيرهم استنبط من لغة غير لغة العرب علما ولا غيره والله أعلم.

[مطلب سئل عما وقع في القرآن من التكرار مثل قصص إبراهيم إلخ]

(سئل) عما وقع في القرآن من التكرار مثل قصص إبراهيم وموسى وآدم وفرعون وغيرهم، ما فائدته مع أنه عيب لو وقع في كلام غير فصيح، فما بالك بكلام متحدى به الإنس والجن؟

(أجاب) هذا يؤخذ من وجوه؛ أحدها: أن البليغ يقدر على إيراد القصة الواحدة بعبارات مختلفة والمعنى واحد، وذلك مما يدل على رفعة شأن القرآن، ومنها إذا تأملت سوابق الآيات المكررة ولواحقها وجدت لها في كل محل معنى آخر يغاير المعنى الموجود في المحل الآخر، ومنها أن الله تعالى قص ذلك على نبيه مرات متعددة لحكمة اقتضت ذلك؛ فنحفظ كل ما ورد لأنا متعبدون بتلاوة القرآن ألا ترى أنك تحكي لمريدك قصة واحدة في محلات عديدة لمناسبات تقتضيها، ومنها أنه عد من محاسن القرآن كما بينه علماء البيان، والله أعلم.

[مطلب في قوله تعالى: {هذه بضاعتنا ردت إلينا}]

(سئل) عن البضاعة في قول إخوة يوسف: {هذه بضاعتنا ردت إلينا} {وجئنا ببضاعة مزجاة} ما هي؟

(أجاب) المراد بالمزجاة قيل: رديئة وقيل: قليلة ترد وتدفع رغبة عنها من أزجيته إذا دفعته، ومنه: تزجيت الزمان، قيل: والبضاعة الأخيرة قيل: كانت دراهم زيوفا وقيل: صوفا وسمنا وقيل: الصنبور وجنبة من الخضر، وقيل: الأقط والسويق المقلي، والبضاعة الأولى كانت نعالا وأدما، فعلم جواز إطلاق البضاعة على جميع ما يجلب للبيع.

[مطلب عما ينسب إلى الله ورسله من الكتب والصحف والأحاديث إلخ]

(سئل) عما ينسب إلى الله ورسله من الكتب والصحف والأحاديث القدسية والأحاديث النبوية، فما الفرق بينها مع أن كلا من عند الله تعالى؟

(أجاب) هذه الأمور المنزلة من السماء خمسة أنواع: القرآن نوع، والتوراة والإنجيل والزبور نوع، والصحف نوع، والحديث القدسي نوع، والنبوي نوع، فثلاثة أنواع تنسب إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - وهي: القرآن والحديث القدسي والحديث النبوي، ونوعان ينسبان إلى غيره من الأنبياء الكرام على نبينا وعليهم الصلاة والسلام.

فالقرآن امتاز عن غيره بإعجازه والتعبد بتلاوته ومخالفة نظمه لسائر النظم، وأسلوبه لسائر الأساليب، والحديث النبوي ما نسب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قولا وفعلا وحكما وعزما وتقريرا وصفة خلقا وخلقا زمانا ومكانا، والحديث القدسي ما نسبه- صلى الله عليه وسلم - إلى ربه في أصل وروده، وقد لا يضاف إلى الله تعالى بخلاف القرآن

<<  <  ج: ص:  >  >>