للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عند من يراه، فيكون الوضع بحق ووضع اليد والتصرف من أقوى أدلة الملك، وترك الطلب هذه المدة من أقوى أدلة عدم الاستحقاق، والأصل براءة ذمة المدعى عليه إلا بوجه شرعي من بينة شاهدة تشهد بالاستحقاق أو إقرار المدعى عليه بالحق، وهذان الأمران هما معتمد الحكام في إثبات الحقوق لأهلها، فحيث لا بينة شاهدة ولا لسان ناطق بالحق فلا سبيل للمدعي في دعواه إلا اتباع هواه ولا للحاكم فيما يحكم به ويراه، وأما مجرد كونها زاوية وهو وقف فلا تسوغ به الدعوى لما أبديناه لك من الاحتمالات، بل لو لم يكن لنا احتمال إلا وضع اليد والتصرف القديم وعدم الطلب ممن سبق لكان ذلك مرجحا لجانب الدافع المتصرف ودافعا للمتولي المذكور لعدم حجة شرعية ومستند يقوي جانبه مع قوة جانب التصرف الواقع من واضع اليد بما أبديناه لك، والحاكم والمفتي إنما يعتمد أن ظاهر الحال والترجيح بما رجحه الشرع القويم، وليس لنا البحث عن البواطن لأن ذلك يعلمه من يعلم الظاهر والباطن، والله تعالى أعلم بالصواب.

(كتاب إحياء الموات).

[مطلب: ما حد إحياء الموات إلخ.]

(سئل) ما حد إحياء الأرض للزرع؟ واذا اختلف اثنان في الإحياء وأقام كل بينة فأي البينتين تقدم؟ وإذا وضع إنسان يده على أرض ولم يعمرها وعمرها فأيهما أحق بها؟

(أجاب) اعلم أن الأرض أقسام: أحدها أن يعلوها الماء مثل بقاع العراق فهذه إحياؤها بحبس الماء عنها وانحساره منها وسد الحفر التي يأتي منها الماء، والثاني مثل أراضي الجبال فهذه لا بد فيها من الحراثة مع كسح ما فيها من شجر وأحجار بحيث يطلق عليها اسم المعمورة، الثالث أراضي لا يكفيها المطر فلا بد فيها من جمع التراب حولها وتسوية الأرض بطم المنخفض وكسح العالي، وحرثها إن توقف زرعها عليها وترتيب مائها بشق ساقية وإن لم يحفر طريقه إليها إن لم يكفها المطر المعتاد لتوقف مقصودها عليه بخلاف ما إذا كفاها، ولا شك أن بينة واضع اليد تقدم كما هو مذكور في اختلاف البينتين، ومن عمر الأرض فهو أحق بها ويملكها وإن أثم لأنه حقق الملك كشراء ما ساقه غيره، ومثل ذلك المتحجر للأرض فإذا عمرها غيره فقد ملكها، والله تعالى أعلم.

[مطلب: رجل من زراع قرية من قرى بيت المال إلخ.]

(سئل) في رجل من زراع قرية من قرى بيت المال التي يقطعها مولانا السلطان نصره الرحمن إقطاع إرفاق لبعض الجند باعها الزارع لرجل أو رهنها، فهل يصح ذلك منه أو لا؟

(أجاب) بيع الأرض المذكورة من غير السلطان - أعزه الله تعالى - لا يصح من الزارع أو من المقطع؛ لأن شروط صحة البيع إطلاق التصرف وليس ذلك موجودا محضا أما في الزارع

<<  <  ج: ص:  >  >>