للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المعجز كالثلاث آيات، وفيه المعجز كالآية والآيتين، وكل سورة منه معجزة مع أنها مركبة من المعجز وغيره مما زاد على الثلاث، ومن أجزاء كل منها وهو غير معجز فصار قوله: والمركب من القديم والحادث حادث ممنوع أيضا؛ فإن القرآن ليس هو مجموع المركب من القديم والحادث، بل هو القديم فقط، وأقوى النظر فيه: أن الإيراد إنما هو على تقدير التزام أنه مركب منهما.

والجواب الشافي أن هذه التقادير راجعة إلى اللفظ والموصوف بالقدم إنما هو المعنى القائم بذاته تعالى، وأن توقف فهم ذلك المعنى على تقدير لفظ مراد الله تعالى دالة عليه القرائن، وبذلك تعلم بطلان كثير من هذه الإيرادات سواء اخترنا المعنى الأول أو الثاني كما لا يخفى عليك أيها الفطن الضارب في المعاني والبيان سهما والله تعالى أعلم.

[مطلب في قوله تعالى: {الم} ونحو ذلك من الأحرف التي في أوائل السور]

(سئل) عن قوله تعالى: {الم} ونحو ذلك من الأحرف التي في أوائل السور ما معناها وما معنى كل حرف منها؟.

(أجاب) قيل: إن حروف الهجاء في أوائل السور من المتشابه الذي استأثر الله تعالى بعلمه وهي سر الله تعالى في القرآن، وقال علي كرم الله وجهه: إن لكل كتاب صفوة، وصفوة هذا الكتاب حروف الهجاء، ويجب الإيمان بها ولا يلزم البحث عنها، واختلفوا فيها فقيل: كل حرف منها مفتاح اسم من أسماء الله تعالى، فالألف مفتاح اسم الله تعالى، واللام مفتاح لطيف، والميم مفتاح مجيد، وقيل: الألف الله، واللام لطفه، والميم ملكه، وقال ابن عباس: الم: أنا الله أعلم، وقيل: هي أسماء الله مقطعة لو علم الناس تأليفها لعلموا اسم الله الأعظم، ألا ترى أنك تقول: ألف لام را حا ميم ألف نون، فيكون مجموعها الرحمن، وكذلك سائرها.

وقال ابن عباس: هي أقسام، قيل: أقسم الله تعالى بهذه الحروف لشرفها وفضلها؛ لأنها مباني كتبه المنزلة، وأسمائه الحسنى وصفاته العليا، وقيل: هي أسماء السور، وقيل غير ذلك والله أعلم.

[مطلب في قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات}]

(سئل) عن قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم} فما هي الكلمات التي تلقاها؟

(أجاب) هي قوله تعالى: {ربنا ظلمنا أنفسنا} الآية، وقيل: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك لا إله إلا أنت ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، وقيل: إن آدم عليه السلام قال: يا رب أريت ما أتيت شيئا ابتدعته من تلقاء نفسي أم قدرته علي قبل أن تخلقني؟ فيقول له الحق جل وعلا: بل شيء قدرته عليك قبل أن أخلقك، قال: يا رب، فكما قدرته علي فاغفر لي.

وقوله: {فتلقى آدم من ربه كلمات} أي ألهمه ذلك وكانت سبب توبته، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن آدم عليه السلام قال: يا رب، ألم تنفخ في الروح من روحك؟ قال: بلى. قال: ألم تسكني جنتك؟ قال: بلى. قال: يا رب، إن تبت إليك وأصلحت أراجعني أنت إلى الجنة؟ فقال له الحق جل وعلا: نعم، فحينئذ فرح آدم عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>