للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

\٥٠

وإذا امتنع من المصادقة ودفع أجرة المثل يلزمه نقض البناء، حيث لم يحصل لجهة الوقف منه نفع؟.

(أجاب) إذن الناظر للوضع إنما يفيد جواز الوضع، لا أنه يحبط منفعة الوقف على المستحقين، حتى لو فرض أنه أسقطها، دل ذلك إما على خيانته وإما على عدم تصرفه، فيقتضي عزله، ثم وقف البناءان صححناه، فهو موكول إلى الواضع لا إلى الناظر، سواء وافق أم خالف، فعلى كل حال من إذن الناظر وعدمه ومن صحة الوقف وعدمه، لا تحبط أجرة الوقف، فعلى الواضع أجرة البناء أجرة المثل مدة الوضع؛ حفظا لمنفعة الوقف فلا تضيع، وحفظا لحق المستحقين فلا يظلمون، والله تعالى أعلم.

[مطلب في محلة موقوفة على السادة المغاربة الخ]

(سئل) في محلة موقوفة على السادة المغاربة خربت ودثرت وبطل الانتفاع بها، فأذن المتكلم على الوقف بواسطة الحاكم الشرعي أيده الله تعالى أن تعمر وترمم حواكير وتقطع لأناس معلومين؛ لأجل أن يعود النفع على الوقف بأجرة معينة، فميزت وحددت وجعلت حواكير معلومة بحدود معلومة بأيدي أناس بموجب تقارير شرعية، ولهم على ذلك مدة تزيد على مائتي سنة، يتلقونها واحدا بعد واحد بموجب تقارير، وحين الوضع جعل عليها أجرة هي أجرة المثل حينئذ، ولما عمرت وغرس بها أشجار وجعل لها جدار زادت أجرتها على ما كانت وقت الوضع، فهل هذه الزيادة مبطلة لما وقع سابقا وللمتكلم على الوقف أن يطلب من واضع اليد سندا غير الحجج الشرعية الصادرة من السادة الموالي بتقريرهم ومنع المعارض لهم؟ وهل للمتولي الآن معارضة في ذلك ورفع يدهم مع أدائهم الأجرة؟ وحكم الحاكم ووضع اليد والتصرف هذه المدة الطويلة؟.

(أجاب) لا ريب أن للناظر والمتولي والحاكم التصرف بما فيه المصلحة لجهة الوقف، فحيث تعذر إعادة البناء ولا يمكن النفع بها إلا حواكير للزرع والغرس، جاز ذلك، ولا تعطل أرض الوقف ويبطل بها الانتفاع، وحيث كان ما على الأرض من المال المعلوم هو أجرة مثلها يوم وقع لهم الإذن في العمارة، كانت الإجارة لهم صحيحة؛ لوقوعها وقت العقد بأجرة المثل، ولا سيما مع وجود التصرف هذه المدة وإقرار النظار والمتوليين على ذلك هذه المدة المديدة والسنين العديدة، ووضع اليد من أقوي الأدلة الشرعية، ولا يطالب واضع اليد ببيان، على أن حكم الحاكم الواقع منه في فصل مختلف فيه يصير الأمر متفقا عليه، وإحكار الأرض وإن كان فيه خلاف، فحكم القاضي به بعد الدعوى الصحيحة يرفع الخلاف حسما لمادة المنازعة وإغلاقا لباب الشر، ودفعا للفساد بين العباد، على أنه لو فتش الآن لوجد كثير من الأوقاف على هذه الصفة، ولا نعلم أعظم من وقف وقفه على سيد الأولين والآخرين، وهو وقف تميم الداري وأصحابه، رضوان الله عليهم وعلى بيت إبراهيم

<<  <  ج: ص:  >  >>