للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مطلب في تعليم الأمر المحرم والمنهي عنه.]

(سئل) في تعليم الأمر المحرم والمنهي عنه كلعب البهلوان وآلات الملاهي كالشطرنج واليراع والمزمار والزمر والكوبة والطنبور، وإذا جعل للمعلم جعلا على التعليم يلزم ذلك الجعل للمعلم أو لا يلزم لكونه جعلا على محرم؟

(أجاب) هذه الأمور المسئول عنها فيها تفصيل عند أئمة الشافعية لا بد منه، فالأول منها البهلوان: قال ابن حجر ومثله الرملي بعد قول المنهاج: وتصح المناضلة على سهام .. إلخ.

يؤخذ من كلامه، أي: النووي في الفتاوى وغيرها حل أنواع اللعب الخطرة من الحذاق بها الذي تغلب سلامتهم فيها، ويحل التفرج عليها. انتهى.

وعد الرملي منها ما يفعله من يسمى في عرف الناس بالبهلوان، وذكر النووي في فتاواه وأن الحاوي إذا اصطاد الحية ليرغب الناس في اعتماد معرفته، وهو حاذق في صنعته، ويسلم منها في ظنه ولسعته لم يأثم.

وأما الشطرنج فالمنصوص عليه عندنا أنه مكروه كراهة تنزيه، والأئمة الثلاثة قائلون بتحريمه، ومحله عندنا لعبه مع معتقد حله، وإلا حرم؛ لأنه يعينه على معصية، ومحله أيضا إن لم يشرط فيه مال من الجانبين، وإلا فهو قمار محرم إجماعا.

وأما اليراع فحرام على الأصح، وأما المزمار والزمر والكوبة والطنبور وضرب الأوتار وسماع ذلك فحرام، وقد عد ذلك كله ابن حجر في الزواجر من الكبائر، واستدل بقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} فسر ابن عباس والحسن، رضي الله عنهم، لهو الحديث بالملاهي، وقال تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} فسره مجاهد بالغناء والمزامير، وفي الحديث أنه، صلى الله عليه وسلم، قال: "إن الله تعالى يغفر لكل مذنب إلا صاحب عرطابة أو كوبة" وفي رواية:" عرطبة" بالفتح والضم، العود، وقيل: الطنبور.

ثم قال: وقطع العراقيون ومعظم الأصحاب بأنه، أي السماع، من الكبائر، وتوقف ابن أبي ألدم فيما نسب للعراقيين وقال: لم أر أحدا منهم صرح به، بل جزم الماوردي وهو منهم بنقيض ما حكاه الإمام، فقال: إذا قلنا بتحريم الأغاني والملاهي فهي من الصغائر دون الكبائر، وهذا هو المشهور.

ولكن الفوراني في الإبانة رد إنكار ابن أبي الدم على الإمام ما ذكر بأن محل ما صرح به في ذخائره أن كون ذلك من الكبائر، وهو ظاهر كلام الشامل حيث قال: من استمع إلى شيء من ذلك ردت شهادته ولم يشترط تكرار السماع. انتهى.

هذا حاصل كلام القائلين بالحرمة ووراء ذلك مقالات لا بأس ببيانها، فنقول: يحرم ضرب واستماع كل مطرب: كطنبور وعود ورباب وجنك وكمنجة ومزمار عراقي ويراع، وهو الشبابة، ويلحق بها سائر أنواعها من ماسور وناية وزمارة وكوبة وغير ذلك من الأوتار والمعازف، جمع معزفة، قيل: وهي أصوات القينات إذا كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>