للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويسأل الله تعالى ما شاء، فإن حاجته تقضى بقدرة الله تعالى.

[مطلب عما ورد في البخاري من حديث خلق الله آدم على صورته، هل ضمير (صورته) راجع إلى الله أو إلى آدم]

(سئل) عما ورد في صحيح البخاري من حديث خلق الله آدم على صورته، هل ضمير (صورته) راجع إلى الله تعالى أو إلى آدم كما زعم زاعم؟.

(أجاب) ذكر العلامة الشمس الرملي في فتاواه بقوله: إن في الحديث المذكور مذهبين؛ أحدهما السكوت عن تفسيره، والثاني الكلام في معناه، واختلف أرباب المذاهب في (الها) إلى من تعود؟ على ثلاثة أقوال؛ أحدها تعود على بعض بنى آدم، ودليل ذلك» أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر برجل يضرب رجلا وهو يقول: قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك، فقال: إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه؛ فإن الله تعالى خلق آدم على صورته «وإنما خص آدم بالذكر لأنه الذي ابتدئت خلقة وجهه على هذه الصورة التي اعتيد عليها من بعده، وكأنه نبه أنك سببت لآدم لأنك من ولده، ومبالغة في زجره، فعلى هذا تكون (الها) كناية عن المضروب، ومن الخطأ الفاحش أن يرجع إلى الله تعالى، لقوله: ووجه من أشبه وجهك؛ فإنه إذا كان كذلك كان تشبيها صريحا. القول الثاني أنها كناية عن اسمين ظاهرين فلا يصح أن يصرف إلى الله تعالى؛ لقيام الدليل على أنه تعالى ليس بذي صورة، فعادت إلى آدم، ومعنى الحديث أن الله خلق آدم على صورته التي خلقه عليها تاما بنقله من نطفة إلى علقة كبنيه، هذا مذهب أبي سليمان الخطابي. القول الثالث أنها تعود على الله تعالى، وفي معنى ذلك قولان؛ أحدهما: يكون صورة ملك لأنها فعله وخلقه، والقول الثاني أن تكون الصورة بمعنى الصفة، ويكون خلق آدم على صورة صفته من العلم والحياة والقدرة والسمع والبصر والإرادة، فميزه بذلك عن جميع الحيوانات، ثم فضله وميزه على الملائكة حين أسجدهم له، والصورة هنا معنوية لا صورة تخطيط، ولا شك ولا ريب أن الحق جل وعلا منزه عن الصورة والشكل والمثل، والله تعالى أعلم.

[مطلب هل كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من يضحكه ويمازحه]

(سئل) هل كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من يضحكه ويمازحه؟.

(أجاب) نعم كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - جماعة يمازحهم منهم الأعرابي الذي أخذ - صلى الله عليه وسلم - على عينيه وقال: من يشتري مني هذا؟ فقال له: إذاً لا تجد أحدا يشتريني، فقال له - صلى الله عليه وسلم -: لرجلك في الميزان أثقل من أحد. وكان يقول له: أنت بادينا ونحن حاضروك. ومنهم نعيمان، كان - صلى الله عليه وسلم - إذا نظر إليه لا يملك نفسه أن يضحك؛ لأنه كان مزاحا، فقد ذكر أن أبا بكر خرج تاجرا إلى بصرى ومعه نعيمان بن عمرو الأنصاري وسويط بن حرملة، وكلاهما بدري، وكان سويط على زاد أبي بكر، فجاء نعيمان وقال له: أطعمني، قال: لا حتى يأتي أبو بكر، وكان نعيمان رجلا مضحكا مزاحا فيه دعابة، وله أخبار ظريفة في دعابته، فقال سويط:

<<  <  ج: ص:  >  >>