للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ثم قال: {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون} وقال تعالى: {والمؤمنين والمؤمنات بعضهم من بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} قال الغزالي: أفهمت الآية أن من هجرهما خرج من المؤمنين. وقال القرطبي: جعلهما الله تعالى فرقا بين المؤمنين والمؤمنات. وقال تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} وأخرج مسلم وغيره عن ابن مسعود: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان". وأخرج أبو داود واللفظ له والترمذي وقال: حسن غريب وابن ماجه: "أفضل الجهاد كلمة حق تقال عند سلطان جائر". وروى الأصبهاني: "أيها الناس مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوا الله فلا يستجيب لكم، وقبل أن تستغفروه فلا يغفر لكم". إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لايدفع رزقا ولا يقرب أجلا وإن الأحبار من اليهود والرهبان من النصارى لما تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعنهم الله تعالى على لسان داود وعيسى ابن مريم، ثم عموا بالبلاء، ولا ريب أن المنكر للمعاصي والمغير لها من ولي الأمر وغيره مثاب الثواب الجزيل، والمعين لهم شريك في الثواب إن أعانهم عليه، وفي العقاب إن أعانهم على المعاصي.

وروى الأصبهاني: لاتزال لا إله إلا الله تنفع قائليها، وترد عنهم العذاب والنقمة ما لم يستخفوا بحقها قالوا: يا رسول الله وما الاستخفاف بحقها؟ قال: يظهر العمل بمعاصي الله فلا تنكر ولا تغير. وذهب جماعة منهم أحمد رحمه الله تعالى أن ترك الإنكار بالقلب كفر، والله تعالى أعلم.

[مطلب في مقدار مكث عيسى في الأرض كم كان إلخ]

(سئل) في مقدار مكث عيسى في الأرض كم كان وقولهم: إنه كان ثلاثا وثلاثين سنة هل هو صحيح أو لا؟ وإذا قلتم بصحته يشكل بأن النبوة لا تكون إلا بعد الأربعين؟

(أجاب)

نقل في سبل الرشاد عن زاد المعاد أن ما يذكر أن المسيح رفع وله ثلاث وثلاثون سنة لا يعرف له أثر متصل يجب المصير إليه. قال الشامي: والأمر كما قال والأحاديث الصحيحة تدل على أنه رفع وهو ابن مائة وعشرين سنة انتهى ملخصا. والذى وقع لابن حجر في شرح الهمزية ولما رفع عيسى إلى السماء كان سنها أي مريم ثلاثا وخمسين سنة، وبقيت بعده خمس سنين، وحين حملت به كان سنها عشر سنين بناء على القول الضعيف، فإذا قلنا بالصحيح المار اندفع الإشكال، وإذا قلنا بالضعيف الذي ذكره ابن حجر يكون على قول من لا يشترط في النبوة بلوغ الأربعين والله أعلم.

[مطلب فيما قتل نبينا أو قتله نبي إلخ]

(سئل) فيما قتل نبينا أو قتله نبي فهل هو كافر، أو من أهل النار؟

(أجاب) روى الإمام أحمد عن

<<  <  ج: ص:  >  >>