للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبع آيات، فالآية الأولى عند من يعدها من الفاتحة {بسم الله الرحمن الرحيم}.

روي في الخبر الصحيح عن سعيد بن جبير: {ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم}: هي أم القرآن، قال أبي: وقرأها على سعيد بن جبير حتى ختمها، ثم قال: بسم الله الرحمن الرحيم الآية السابعة، قال سعيد: قرأها عليَّ ابن عباس كما قرأتها عليك. ثم قال: بسم الله الرحمن الرحيم الآية السابعة. قال ابن عباس: فدخرها لكم فما أخرجها لأحد قبلكم. وروي عن ابن عباس: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يعرف ختم السورة حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم.

وعن ابن مسعود قال: كنا لا نعلم فصل ما بين السورتين حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم، وقال الشعبي: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكتب في بدء الأمر على رسم قريش: باسمك اللهم، حتى نزلت: {وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها}، فكتب: بسم الله، حتى نزلت: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن} فكتب: بسم الله الرحمن، حتى نزلت: {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم}، فكتب مثلها. ذكره البغوي في تفسيره.

وإنما لم تكتب في أول براءة؛ لأن براءة نزلت بالسيف والبسملة للرحمة، فلا تناسبها، والله تعالى أعلم.

[مطلب في قوله تعالى: {ثم أورثنا الكتاب} إلخ]

(سئل) في قوله تعالى: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات} ما معنى ذلك؟ (أجاب) المعنى {أورثنا}: أعطينا؛ لأن الميراث إعطاء، وقيل: {أورثنا}: أخرنا، ومنه الميراث؛ لأنه تأخر عن الميت، ومعناه أخرنا القرآن من الأمم السالفة وأعطيناكموه وأهلناكم له، {الذين اصطفينا من عبادنا} قال ابن عباس: يريد أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - قسمهم ورتبهم.

واختلف المفسرون في معنى الظالم والمقتصد والسابق، قال عقبة بن صهبان: سألت عائشة - رضي الله عنها - عن قوله تعالى: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} فقالت: يا بني، كلهم في الجنة، أما السابق بالخيرات فمن مضى على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشهد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجنة، وأما المقتصد فمن اتبع أثره من أصحابه حتى لحق به، وأما الظالم فمثلي ومثلكم، فجعلت نفسها معنا.

وقال مجاهد والحسن وقتادة: {فمنهم ظالم لنفسه} وهم أصحاب المشئمة، {ومنهم مقتصد} هم أصحاب الميمنة {ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله} هم السابقون المقربون من الناس كلهم.

وعن ابن عباس قال: السابق: المؤمن الخالص، والمقتصد: المرائي، والظالم: الكافر نعمة الله غير الجاحد لها؛ لأنه حكم للثلاثة بدخول الجنة، فقال: {جنات عدن يدخلونها}.

وقال الحسن: السابق: من رجحت حسناته على سيئاته، والمقتصد: من استوت حسناته وسيئاته، والظالم: من رجحت سيئاته على حسناته، وقيل: الظالم: من كان ظاهره خيرا من باطنه والمقتصد

<<  <  ج: ص:  >  >>