للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في أزيد من ذلك لأني أخاف عليك، والله الهادي المرشد للصواب.

[مطلب سئل أبي أي القراءة أحب إليك؟ قال: قراءة نافع ثم عاصم الخ]

(سئل) في عبارة منسوبة إلى الإمام أحمد بن حنبل وصورتها: قال في التذكرة: قال صالح بن أحمد بن حنبل: سألت أبي: أي القراءة أحب إليك؟ قال: قراءة نافع، قلت: فإن لم تجد؟ قال: قراءة عاصم. قال صاحب الكشف: فقراءة هذين الإمامين أوثق القراءات وأصحها سند وأفصحها في العربية.

(أجاب) أصحها سندا، هذا بناء على قول ذهب إليه بعض أهل الحديث أنه يقال: السند الفلاني أصح، والأصح عندهم لا يقال ذلك لأن المراد على وجود الشروط المعتبرة عندهم للصحيح، على أن المعتبر هنا هو المتواتر الذي هو أقوى من الصحيح، وهذا علامته حصول العلم عقبه، فكل قراءة رواها جمع عن جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب، وهذا موجود في جميع القراءة، ولا يلزم منه أن القراءات نسبت لإمام واحد فقط؛ لأن ذلك بحسب الاشتهار، وقول الإمام: أحب إلي، لا ينافي ما قررناه؛ لأن الأحبية بحسب الإلف أو الأخذ أو أصحية الإمام لوصف قام به، والمنازعة إنما هو في التعليل؛ فإنه لا يقال في قراءة إمام من السبع بعد تواترها: إن غيرها أصح منها؛ لأن مرجع التواتر القطع ومرجع الأصحية الظن، وبينهما تناف، ولا يقال في كلام رب العالمين: هذا أصح وهذا غير أصح؛ لثبوت القطع لجميع القراءات حتى ما كان من أوجه الأداء، كالمد والإمالة وتسهيل الهمز، وغير ذلك مما يقع فيه الخلاف بين الأئمة، فتأمل، والله أعلم.

[مطلب فرق الإسلام المتشعب عنها الكرام أو اللئام ما هي الخ]

(سئل) عن أصول فرق الإسلام المتشعب عنها الكرام واللئام ما هى؟.

(أجاب) عنها نظما بقوله

... أن أصل الضلال قد جاء قطعا

في أصول حوته ضلالا بديعا ... في اعتزال وشيعة وخوارج

والمرجى بخا جبر شنيعا ... والمشبه ومن عداها فناج

أهل حق فكن لقولي سميعا

والله تعالى أعلم.

[مطلب هل للحسبة أصل في السنة]

(سئل) هل للحسبة أصل من السنة؟ وهل اتخذ - صلى الله عليه وسلم - أحدا من الصحابة محتسبا؟

(أجاب) نعم استعمل - صلى الله عليه وسلم - سعد بن أبي وقاص بعد الفتح على سوق مكة، واستعمل عمر بن الخطاب على سوق المدينة، وهذا هو المسمى الآن بالحسبة ومولاها بالمحتسب، ففي أصلها خصلة شريفة لأنها لضبط أحوال السوق في البيع والشراء والمعاملات والموازين والنقود والعقود والحرف والصنائع، وإن كانت الآن مبتدعة لا يتولاها إلا الأخساء لتعاطيهم لظلم وأخذ أموال الناس بالباطل وعدم سؤالهم عما تقدم وإنما قصدهم الأخذ من الأموال فقط، قال في الروض وشرحه لشيخ الإسلام: وعلى الإمام أن ينصب محتسبا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وإن كان لا يختصان بالمحتسب، فيتعين

<<  <  ج: ص:  >  >>