للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصغيرة أي التي فيها نحو ثلاثين رجلا إقامتها بمحل واحد، وأن الكبيرة لا بد من تعددها فيها كما تقرر، فإن لم يظهر الشعار بأن امتنعوا كلهم أو بعضهم كأهل محلة من قرية كبيرة، ولم يظهر الشعار إلا بهم قوتلوا، أي قاتل الممتنعين الإمام أو نائبه لإظهار هذه الشعيرة العظيمة، والجماعة بالمسجد لغير المرأة والخنثى أفضل منها خارجه للخبر المتفق عليه: "أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة". أي، فهي في المسجد أفضل، هذا بالنقل الصريح عن الأئمة المعتبرين، والعلماء الراشدين مثل الإمام النووي والرملي وابن حجر وغيرهم، وأما المساجد، فيجب عمارتها وترميمها ونصب ما يحتاج إليه الشعار، كالإمام والمؤذن والشعال، والذي يعمر المسجد، ويجب صيانتها عن النجاسة والقذرات؛ لأنها محل العبادة ونزول الملائكة الروحانية، ولا يقبلون إلا الطيب، وأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، فإن كان لها وقف صرف لذلك من ريعه، وإن لم يكن لها وقف فمن بيت مال المسلمين، فإن لم يوجد فيه شيء، أو منع متوليه من ذلك، فيؤخذ من الأموال العامة التي أصلها لبيت المال، ويصرف ذلك الرجل الصالح كما يصرفه الإمام العادل، والظاهر كما قال ابن عبد السلام: وجوبه عليه، وهو مأجور على ذلك، ويثاب الثواب الجزيل، فإن لم يوجد، فعلى أغنياء المسلمين؛ لأن ذلك من الأمور الضرورية، ولا شك أن منصب السلطان أعزه الديان، ونصره الرحمن، وكذلك نوابه الكرام، إنما هو الأمور العامة، كالغزو لقتال الكفار، ومنع قطاع الطريق، والمعاندين والمعارضين، ورد الناس إلى الشريعة الغراء والملة البيضاء، وإظهار شعائر الإسلام كالحج لبيت الله الحرام، والمساجد وعمارتها، والمدارس والربط، والخانات والقناطر، ودفع ضرر المعصوم، وكل ذلك لإظهار هذا الدين القويم، وعملا بأمر الله جل جلاله، وعظم سلطانه، وأمر رسله، وبذلك يظهر حسن نظام العالم، وأمر معاشهم، ويترتب على ذلك معادهم، المحصلان للفوز بالسعادة الدنيوية والأخروية، ويرجع الكافر خائبا خاسرا، والمعاند بائرا، والمؤمن لله ناصرا، ولنبيه مظاهرا، والله تعالى أعلم.

[مطلب: صلاة الجمعة]

(باب صلاة الجمعة)

[مطلب: يوم عرفة أفضل أو يوم الجمعة؟]

(سئل) هل الأفضل يوم الجمعة، أو عرفة؟

(أجاب) اعلم أنه ورد ما يقتضي تفضيل الجمعة على عرفة، من ذلك ما رواه كثيرون منهم أحمد "أن يومها سيد الأيام وأعظمها، وأعظم عند الله من يوم الفطر ويوم الأضحى" وفي رواية بإسناد حسن: "أفضل الأيام عند الله يوم الجمعة" رواه البيهقي، وفيه خلق آدم، وإهباطه إلى الأرض، وموته، وساعة الإجابة، وقيام الساعة، وفي خبر الطبراني "وفيه دخل الجنة، وفيه خرج".

<<  <  ج: ص:  >  >>