للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصحح ابن حبان خبر "لا تطلع الشمس، ولا تغرب على يوم أفضل من يوم الجمعة"، وعند مسلم: "فيه خلق آدم، وفيه دخل الجنة، وفيه أخرج منها، وفيه تقوم الساعة، وأنه خير يوم طلعت عليه الشمس"، وصح خبر: "وفيه تيب عليه، وفيه مات" وأخذ أحمد أنه أفضل حتى من عرفة، وفضل كثير من الحنابلة ليلته على ليلة القدر. والصحيح أن يوم عرفة وليلتها، أفضل من يوم الجمعة وليلتها؛ لما ورد فيها من الأدلة الصحيحة الصريحة الخاصة فقدم الدليل الخاص على ذلك، والله أعلم.

[مطلب: لو خطئ من يدعو لسيدي عبد القادر الجيلاني أو أثمه أو كفره ماذا حكمه؟]

(سئل) عن رجل سمع خطيب بيت المقدس يدعو للسيد عبد القادر قدس سره فخطأ الخطيب، بل أثمه، بل كفره، فهل هو مصيب، أو مخطئ؟

(أجاب) هذا رجل ملحد ملئ قلبه نفاقا، وبغضا لأولياء الله تعالى، ولا ريب أن عبد القادر قدس سره من أعظم أولياء الله تعالى، ومن أعظم المؤمنين والمؤمنات، والدعاء لهم مطلوب، إجمالا وتفصيلا، واعلم أن هذا الرجل هو المخطئ، بل هو الآثم، بل هو الكافر؛ لأن من كفر مؤمنا معتقدا لذلك بلا تأويل، فهو كافر، واعلم أن أئمتنا جعلوا أركان الخطبتين خمسة، ثلاثة مكررة في كل من الخطبتين: حمد الله، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظهما، والوصية بتقوى الله تعالى، وقراءة آية مفهمة، وهي في الأولى أولى، ودعاء للمؤمنين بأخروي في الخطبة الثانية، وعللوا ذلك باتباع السلف، والخلف، فعبد القادر هل خرج عن كونه من المؤمنين الذين الدعاء لهم شرط في صحة الخطبة، ففي تخطئة الخطيب المذكور طعن في السلف والخلف، وهو من البدع المذمومة والخصال الخبيثة. وأما الدعاء للسلطان بخصوصه، فلا يسن كما نقله في المجموع عن اتفاق الأصحاب قال: والمختار أنه لا بأس به، إذا لم يكن فيه مجازفة في وصفه، والله سبحانه وتعالى أعلم.

[مطلب: أربعون رجلا في قرية ومن أهلها المقيمين بها لا يصلون الجمعة ماذا يلزمهم إلخ؟]

(سئل) عن أهل قرية فيها أربعون رجلا أحرار مقيمون لا يظعنون صيفا، ولا شتاء، وجدت فيهم شروط إقامة الجمعة، ولكن علم من حالهم أنهم لا يصلونها من قديم الزمان، وإنما يصلون الظهر جماعة وفرادى، ولا نية لهم بالاجتماع لها، ولا قرينة دالة على ذلك، كما في غالب قرى بلاد الشام والقدس وغيرها، فهل يصح ظهر من تلزمه من أول الوقت، أو لا بد من تأخيره حتى لا يمكن فعلها؟

(أجاب) عبارة ابن حجر: أربعون كاملون ببلد علم من عادتهم أنهم لا يقيمون الجمعة، فهل من تلزمه إذا علم ذلك أن يصلي الظهر إذا لم ييأس من الجمعة، قال بعضهم: نعم، إذ لا أثر للمتوقع، وفيه نظر، بل الذي يتجه لا لأنها الواجب أصالة للمخاطب بها يقينا، فلا يخرج عنه إلا باليأس يقينا وليس من من تلك القاعدة؛ لأنها في متوقع لم يعارض يقينا، وهنا عارضه يقين الوجود، فلم يخرج عنها إلا بيقين اليأس منها، ثم رأيتهم صرحوا بذلك حيث قالوا: لو تركها أهل بلد لم يصح ظهرهم حتى يضيق الوقت عن

<<  <  ج: ص:  >  >>