للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ب] الخَوَارِجُ وَوَضْعِ الحَدِيثِ:

لم نعثر في المراجع القريبة منا على ما يدل على وضع الخوارج للحديث، أو على اعتمادهم على ذلك لدعم موقفهم وإثبات دعواهم، اللهم إلا ما ذكر عن ابن لهيعة قال: سمعت شيخًا من الخوارج تاب ورجع، وهو يقول: «إِنَّ هَذِهِ الأَحَادِيثَ دِينٌ، فَانظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ، فَإِنَّا كُنَّا إِذَا هَوَيْنَا أَمْرًا صَيَّرْنَاهُ حَدِيثًا» (١). وما رواه عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، قَالَ: قَالَ لِي رَجُلٌ مِنَ الْخَوَارِجِ: «إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ دِينٌ، فَانْظُرُوا عَنْ مَنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ، إِنَّا كُنَّا إِذَا هَوَيْنَا أَمْرًا جَعَلْنَا فِي حَدِيثٍ» (٢). وما رواه السيوطي: رُوِيَ عَنْ شَيْخٍ خَارِجِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ هَذِهِ الأَحَادِيثَ دِينٌ، فَانظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ، فَإِنَّا كُنَّا إِذَا هَوَيْنَا أَمْرًا صَيَّرْنَاهُ حَدِيثًا» (٣).

هذه أخبار ثلاثة بمعنى واحد، وطرق مختلفة، تدل على وضع الخوارج للحديث، إلا أننا لم نجد دليلاً يثبت عليهم هذا بين الأحاديث الموضوعة، وربما كان عدم كذبهم هذا لاعتقادههم أن مرتكب الكبيرة كافر، والكذب من الكبائر.

وهناك أدلة كثيرة على أنهم أصدق من نقل الحديث، ومن هذا ما قاله ابن تيمية للرافضة في الرد عليهم: «وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ الخَوَارِجَ شَرٌّ مِنْكُمْ، وَمَعَ هَذَا فَمَا نَقْدِرُ أَنْ نَرْمِيهِمْ بِالكَذِبِ، لأَنَّنَا جَرَّبْنَاهُمْ، فَوَجَدْنَاهُمْ يَتَحَرَّوْنَ الصِّدْقَ لَهُمْ


(١) " الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ": ص ١٨: ب وانظر " المدخل " للحاكم: ص ١٩.
(٢) " المحدث الفاصل بين الراوي والواعي ": ص ٨٣: آ.
(٣) " الآلئ المصنوعة ": ص ٢٤٨ جـ ٢.