للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد كثر الكاتبون بعد الهجرة عندما استقرت الدولة الإسلامية، فكانت مساجد المدينة التسعة إلى جانب مسجد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (١) محط أنظار المسلمين، يتعلمون فيها القرآن الكريم، وتعاليم الإسلام، والقراءة والكتابة، وقد تبرع المسلمون الذين يعرفون الكتابة والقراءة بتعليم إخوانهم، وأرجح أنه كان من أوائل هؤلاء المعلمين سعد بن الربيع الخزرجي أحد النقباء الاثني عشر (٢)، وبشير بن سعد بن ثعلبة (٣)، وأبان بن سعيد بن العاص (٤)، وغيرهم - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ -.

وكان إلى جانب هذه المساجد كتاتيب يتعلم فيها الصبيان الكتابة والقراءة إلى جانب القرآن الكريم (٥). ولا يفوتنا أن نذكر أثر غزوة (بدر) في تعليم


(١) انظر " مسالك الأبصار في ممالك الأمصار ": ص ١٣١.
(٢) المُتَوَفَّى سَنَةَ «٣ هـ». انظر " طبقات ابن سعد ": ص ٧٧ و ١٤١ قسم ٢ جـ ٣.
(٣) المُتَوَفَّى سَنَةَ «١٢ هـ». انظر " طبقات ابن سعد: ص ٨٣ قسم ٢ جـ ٣. و " تهذيب التهذيب ": ص ٤٦ جـ ١. و" الإصابة ": ص ٦٣ جـ ١.
(٤) انظر " الإصابة ": ص ١٠، ١١ و" المصباح المضيء ": ص ١٦ وقد اختلف في وفاة أبان بن سعيد، فقيل توفي سَنَةَ «١٣ هـ» وقيل سَنَةَ «١٥ هـ» وقيل غير ذلك والصواب أنه عاش إلى خلافة عثمان، وأنا أرجح هذا لأنه كان أحد الصحابة الذين نسخوا المصاحف مع زيد بن ثابت في عهد عثمان - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ جَمِيعًا -، انظر " صحيح البخاري بحاشية السندي ": ص ٢٢٥، ٢٢٦ جـ ٣، وكتابنا " زيد بن ثابت ": ص ٣٥.
(٥) كتب جولدتسيهر مقالاً هَامًّا في " دائرة معارف الأديان والأخلاق " عن التعليم الأولي عند المسلمين، وقد حاول أن يثبت أن كتاب تعليم القرآن ومبادئ الدين الإسلامي قد أنشئ في عهد مبكر، وأنه يرجع إلى صدر الإسلام، وقد دعم رأيه بالأسانيد الآتية:
أ - أرسلت أم سلمة إحدى زوجات الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرة إلى معلم كتاب تطلب منه أن يرسل لها بعض تلاميذ كتابه ليساعدوها في ندف الصوف وغزله.
ب - كان عمر بن ميمون يحفظ الصيغة التي تقي الإنسان شر العين، وقد أسندها إلى سعد بن أبي وقاص الذي كان يعلمها أولاده، ويكتبها لهم كما يفعل المدرس مع تلاميذه.
ج - مر (ابن عمر) و (أبو أسيد) في مناسبة ما بكتاب، فلفتا إليهم إليهم أنظار التلاميذ =