للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد اشتهر في عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كتاب خطير الشأن هو ذلك الكتاب الذي أمر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُتَّابَهُ بتدوينه في السَّنَةِ الأولى للهجرة، وقد نَصَّتْ فيه حقوق المسلمين المهاجرين والأنصار وعرب يثرب وموادعة يهودها، وتكررت فيه عبارة (أهل الصحيفة) خمس مرات، وجاء في مقدمته: «هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رَسُولُ اللهِ بَيْنَ المُؤْمِنِينَ وَالمُسْلِمِينَ مِنْ قُرَيْشٍ وَ [يَثْرِبَ]، وَمَنْ تَبِعَهُمْ، فَلَحِقَ بِهِمْ، وَجَاهَدَ مَعَهُمْ، إنَّهُمْ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ دُونِ النَّاسِ ... » الخ (١)، وهذا دليل على أن هذا الدستور أو الميثاق للدولة الإسلامية الفتية، كَانَ مُدَوَّنًا في صحيفة اشتهر أمرها وتواتر نقلها.

وربما أرسل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعض الأحكام مكتوبة إلى عماله، ومن هذا ما يرويه ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ قَالَ: قُرِئَ عَلَيْنَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْ لاَ تَنْتَفِعُوا مِنَ المَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلاَ عَصَبٍ» (٢).

وكتب أبو بكر لأنس بن مالك كتابًا فيه الصدقات التي فرضها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وفي رواية: أن الكتاب كان ممهورًا بخاتم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (٣).

وروى نافع عن ابن عمر أنه وجد في قائم سيف عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللهُ


(١) " سيرة ابن هاشم ": ص ١١٩ جـ ٢، و" الأموال ": ص ٢٠٢، وانظر " مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي ": ص ١٥.
(٢) " معرفة علوم الحديث ": ص ٨٦، وقال الحاكم: هذا منسوخ بحديث ابن عباس أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ، فَقَالَ: «هَلاَّ اسْتَمْتَعْتُمْ بِجِلْدِهَا؟»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا مَيْتَةٌ، فَقَالَ: «إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا». انظر " معرفة علوم الحديث: ص ٨٦، وانظر " أخبار أهل الرسوخ في الفقه والتحديث بمقدار المنسوخ من الحديث ": ص ٢٧.
(٣) " رد الدارمي على بشر المريسي ": ص ١٣١، وذكر الإمام أحمد هذا الكتاب في " مسنده ": ص ١٨٣، ١٨٤ حديث ٧٢ جـ ١.