للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنهم من قال - وهم المعتزلة - (١) إن كل من قاتل عَلِيًّا عالمًا فهو فاسق مردود الرواية والشهادة، لخروجهم على الإمام الحق.

ومنهم من قال برد رواية الكل وشهادتهم، لأن أحد الفريقين فاسق وهو غير معلوم ولا معين.

ومنهم من قال بقبول رواية كل واحد منهم وشهاته إذا انفرد، لأن الأصل فيه العدالة، وقد شككنا في فسقه، ولا يقبل ذلك منه مع مخالفه، لتحقق فسق أحدهما من غير تعيين.

والمختار إنما هو مذهب الجمهور من الأئمة، وذلك بالأدلة على عدالتهم ونزاهتهم وتميزهم على من بعدهم (٢).

قال ابن حزم: «نقول بفضل المهاجرين الأولين بعد عمر بن الخطاب ... ثم بعد هؤلاء أهل العقبة " الأنصار الذين بايعوه بيعة العقبة "، ثم أهل بدر ثم أهل المشاهد مشهدًا مشهدًا، وأهل كل مشهد أفضل من المشهد الذي بعده حتى يبلغ الأمر إلى الحديبية، فكل من تقدم ذكره من المهاجرين والأنصار - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - إلى تمام بيعة الرضوان فإنا نقطع على غيب قلوبهم أنهم كلهم مؤمنون صالحون (٣)، ماتوا كلهم على الإيمان والهدى والبر،


(١) صرح بذلك ابن كثير في " الباعث الحثيث ": ص ٣٠٥.
(٢) انظر " الإحكام في أصول الأحكام " للآمدي: ص ١٢٨ جـ ٢ ونحوه في " فتح المغيث ": ص ٣٦ جـ ٤.
(٣) بالرغم من مكانة الصحابة، وبذلهم وتفانيهم من أجل الدعوة، (طعن النَظَّامُ في أكثر الصحابة، وأسقط عدالة ابن مسعود، ونسبه إلى الضلال من أجل روايته عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «السَّعِيدُ مَنْ سَعِدَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَالشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ ... » وما ذاك منه إلا لإنكاره معجزات النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وطعن في فتاوى عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - من أجل أنه حَدَّ في الخمر ثمانين، ونفى نصر بن الحجاج حين خاف فتنة نساء المدينة به ... طعن في فتاوى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ =