للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويتبين لنا من كلام ابن حزم أن أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى بيعة الرضوان في غزوة الحديبية كلهم من أهل الجنة، معتمدًا في ذلك على ما ورد من نصوص في القرآن وَالسُنَّةِ، وأما من جاؤوا بعد هؤلاء فلم يقطع بأنهم من أهل الجنة.

وقال شارح " مُسَلَّمَ الثُّبُوتِ ": «إن عدالة الصحابة مقطوعة لا سيما أصحاب بدر وبيعة الرضوان، كيف لا وقد أثنى عليهم الله تعالى في مواضع عديدة من كتابه، وبين رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فضائلهم غير مرة» (١).

ويقول في موضع آخر: «واعلم أن عدالة [الصحابة] الداخلين في بيعة الرضوان والبدريين كلهم مقطوع العدالة، لا يليق المؤمن أن يمتري فيها، بل الذين آمنوا قبل فتح مكة أَيْضًا عادلون قطعًا، داخلون في المهاجرين والأنصار، وإنما الاشتباه في مسلمي فتح مكة، فإن بعضهم من مؤلفة القلوب، وهم موضع الخلاف، والواجب علينا أن نكف عن ذكرهم إلا بخير فافهم» (٢). فمسلمو الفتح لم ينص على عدالتهم ومع هذا يوجد ما يدل على عدالتهم، وسنتعرض لهذا بعد قليل.

وقد ورد في الصحابة ما يوجب لهم العدالة، ويجعلهم في ذروة الثقة والائتمان، فقد زكاهم الله تعالى ورسوله، وتقبلت الأمة ذلك بالإجماع، فلا سبيل إلى الطعن في أكابرهم كما يفعل بعض أهل الأهواء قديمًا وحديثًا (٣).


(١) " شرح مسلم الثبوت ": ص ٤٠١ جـ ٢.
(٢) " المنهج الحديث في علوم الحديث ": ص ٦٢ عن " شرح مسلم الثبوت ".
(٣) سبق أن بَيَّنَّا طعن بعض المنحرفين قديمًا في الصحابة، ومن الطاعنين المُحْدَثِينَ عبد الحُسين شرف الدين في كتابه " أبو هريرة " وَأَبُو رَيَّةَ في كتابه " أضواء على السنة المحمدية "، وقد تصدى لهما أكابر علماء العصر، وبعد قليل نفند ذلك في بحثنا عن بعض أعلام الرواة.