للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعن ابن عباس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قال: «خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَشْرٍ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، فَصَامَ وَصَامَ النَّاسُ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالكَدِيدِ أَفْطَرَ، ثُمَّ مَضَى فِي عَشَرَةِ آلافٍ مِنَ المُسْلِمِينَ حَتَّى نَزَلَ مَمَرَّ صِرَارٍ» (١). وَكَانَ ذَلِكَ عَامَ الفَتْحِ (٢).

وحج رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حجة الوداع تسعون ألفًا من المسلمين (٣).

سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِي فَقَالَ لَهُ: «يَا أَبَا زُرْعَةَ، أَلَيْسَ يُقَالُ: حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةُ آلاَفِ حَدِيثٍ؟»، قَالَ: «وَمَنْ قَالَ ذَا؟ قَلْقَلَ اللَّهُ أَنْيَابَهُ. هَذَا قَوْلُ الزَّنَادِقَةِ، وَمَنْ يُحْصِي حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ؟ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مِائَةِ أَلْفِ وَأَرْبَعَةَ عَشْرَ أَلْفًا مِنَ الصَّحَابَةِ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ وَسَمِعَ مِنْهُ». فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: «يَا أَبَا زُرْعَةَ هَؤُلاَءِ أَيْنَ كَانُوا وَسَمَعُوا مِنْهُ؟»، قَالَ: «أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَأَهْلُ مَكَّةَ وَمَنْ بَيْنَهُمَا وَالأَعْرَابُ وَمَنْ شَهِدَ مَعَهُ حَجَّةَ الوَدَاعِ» (٤).

من هذا يتبين أن من روى عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الصحابة كثيرون، وقد نقلوا عنه خيرًا عظيمًا، ويختلفون في مقدار ما حملوا عنه


(١) " تلقيح فهوم أهل الأثر " ص ٢٧: ب، وَالكَدِيدُ عين جارية بينها بين المدينة سبع مراحل أو نحوها. انظر " معجم البلدان ": ص ٢٢٤ جـ ٧. وأما مَمَرَّ صِرَار ففي الأصل المخطوط (مر الصران) وأظنه خطأ من الناسخ، فإني لم أجد في " معجم البلدان " (الصران) أو مر الضران)، وفيه (صرار) وهو موضع على ثلاثة أميال من المدينة على طريق العراق ... وقيل (صرار) ماء قرب المدينة. انظر " معجم البلدان ": ص ٣٤٦، ٣٤٧ جـ ٥. وكلا العينين مناسب لهذا المقام.
(٢) انظر " صحيح مسلم ": ص ٧٨٤، ٧٨٥ جـ ٢.
(٣) انظر " نور اليقين ": ص ٢٥٦ وقارن بـ " تلقيح فهوم أهل الأثر ": ص ٢٧: ب.
(٤) انظر " فتح المغيث ": ص ٣٩ جـ ٤، و" تلقيح فهوم أهل الأثر ": ص ٣٨: آ.