للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيركب حمارًا، قد شَدَّ عليه برذعة، وفي رأسه خلبة من ليف، يسير فيلقى الرجل، فيقول: «الطَّرِيقَ .. قَدْ جَاءَ الأَمِيرُ» (١).

ويمر أبو هريرة في السوق، يحمل الحطب على ظهره - وهو يومئذٍ أمير لمروان - فَيَقُولُ لِثَعْلَبَةَ بْنَ أَبِي مَالِكٍ القُرَظِيٍّ: «" أَوْسِعِ الطَّرِيقَ لِلأَمِيرِ يَا ابْنَ [أَبِي] مَالِكٍ "، فَيَقُولُ: " يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَكْفِي هَذَا!! " فَيَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةُ: " أَوْسِعِ الطَّرِيقَ لِلأَمِيرِ وَالحِزْمَةُ عَلَيْهِ!! "» (٢).

وكان يحب إدخال السرور إلى نفوس الأطفال، فقد يراهم يعلبون بالليل لعبة الغراب، فَيَتَسَلَّلُ بينهم، وهم لا يشعرون، حتى يلقي بنفسه بينهم، ويضرب برجليه (الأرض) كأنه مجنون، يريد بذلك أنْ يضحكهم، فيفزع الصبيان منه، وَيَفِرُّونَ هَهُنَا وهَهُنَا، يَتَضَاحَكُونَ (٣).

ويقول أبو رافع: وَرُبَّمَا دَعَانِي أَبُو هُرَيْرَةَ إِلَى عَشَائِهِ بِاللَّيْلِ، فَيَقُولُ: «دَعْ العُرَاقَ لِلأَمِيرِ»،قَالَ: فَأَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ ثَرِيدٌ بِالزَيْتٍ!! (٤).

٨ - وَفَاتُهُ:

اختلف في وفاته على أقوال:

قال هشام بن عروة: «أَبُو هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةُ مَاتَا سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ،


(١) " طبقات ابن سعد ": ص ٦٠، ٦١ قسم ٢ جـ ٤. والخَلَبَةُ: الحلقة.
(٢) " حلية الأولياء ": ص ٣٨٥ جـ ١. و" تاريخ الإسلام ": ص ٣٣٤ و ٣٣٩ جـ ٢، و" النهاية والبداية ": ص ١١٣، ١١٤، جـ ٨.
(٣) انظر " طبقات ابن سعد ": ص ٦٠، ٦١ قسم ٢ جـ ٤، و" البداية والنهاية ": ص ١١٣ جـ ٨، و" تاريخ الإسلام ": ص ٣٣٨ جـ ٢.
(٤) انظر " البداية والنهاية ": ص ١١٤ جـ ٨، و" طبقات ابن سعد ": ص ٦١ قسم ٢ جـ ٤، و" تاريخ الإسلام ": ص ٣٣٨ جـ ٨. وَالعُرَاقُ: العظم الذي نزع عنه اللحم وبقي عليه قليل منه.