للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحَدِيثِ، فَوَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُنَا نُجَالِسُ أَبَا هُرَيْرَةَ، فَيُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُحَدِّثُنَا عَنْ كَعْبٍ الأحبار، ثُمَّ يَقُومُ، فَأَسْمَعُ بَعْضَ مَنْ كَانَ مَعَنَا يَجْعَلُ حَدِيثَ رَسُولِ اللهِ عَنْ كَعْبٍ، وَحَدِيثَ كَعْبٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ... فَاتَّقُوا اللهَ، وَتَحَفَّظُوا مِنَ الحَدِيثِ» (١).

وقد روى كثيرًا عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان يقول: مَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدٌ أكْثَرَ حَدِيثًا عَنْهُ مِنِّي إلاَّ مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بن عَمْرٍو، فإنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَلاَ أكْتُبُ» (٢).

وقد استكثر بعض الصحابة حديث أبي هريرة عن الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حين كانت سياستهم الإقلال من الرواية، كَيْلاَ ينصرف الناس عن القرآن، وخوفًا أن يشتغلوا بغيره. فقال لهم أبو هريرة: «إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ: أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللهُ المُوعِدُ، وَتَقُولُونَ: مَا لِلْمُهَاجِرِينَ لاَ يُحَدِّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللهِ هَذِهِ الأَحَادِيثِ؟ وَإِنَّ أَصْحَابِي مِنَ المُهَاجِرِينَ كَانَتْ تَشْغَلُهُمْ أَرْضُوهُمْ وَالقِيَامُ عَلَيْهَا، وَإِنِّي كُنْتُ امْرَءًا مِسْكِينًا، (أَلْزَمُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَلْءِ بَطْنِي) (٣) وَكُنْتُ أُكْثِرُ مُجَالَسَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَحْضُرُ إِذَا غَابُوا، وَأَحْفَظُ إِذَا نَسُوا». (٤) ثم ذكر قصة النمرة، ودعاء الرسول له، ثم قال: «فَوَاللهِ مَا نَسِيتُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْهُ» (٥).


(١) " البداية والنهاية ": ص ١٠٩ جـ ٨ ونحوه في " سير أعلام النبلاء ": ص ٤٣٦ جـ ٢.
(٢) " فتح الباري ": ص ٢١٧ جـ ١، و" مسند الإمام أحمد ": ص ١١٩ حديث ٧٣٨٣ جـ ١٣ رواه الإمام أحمد في مسند عبد الله بن عمرو كثيرًا، انظر رقم: ٦٥١٠ و ٦٨٠٢ و ٦٩٣٠ و ٧٠١٨.
(٣) هذه العبارة من رواية الزهري في " مسند الإمام أحمد: ص ٢٦٨ حديث ٧٢٧٣ جـ ١٢ لم يذكرها ابن سعد.
(٤) " طبقات ابن سعد ": ص ٥٦ قسم ٢ جـ ٤ وص: ١١٨ قسم ٢ جـ ٢، وانظر " فتح الباري ": ص ٢٢٤ جـ ١، و" مسند الإمام أحمد ": ص ٢٧٠ جـ ١٢، و" حلية الأولياء ": ص ٣٧٨ جـ ١، و" تاريخ الإسلام ": ص ٣٣٤ جـ ٢.
(٥) " طبقات ابن سعد ": ص ٥٦ قسم ٢ جـ ٤ وص: ١١٨ قسم ٢ جـ ٢، وانظر " فتح الباري ": ص ٢٢٤ جـ ١، و" مسند الإمام أحمد ": ص ٢٧٠ جـ ١٢، و" حلية الأولياء ": ص ٣٧٨ جـ ١، و" تاريخ الإسلام ": ص ٣٣٤ جـ ٢.