للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأحرق نفسي بالنار؟ والله لقد سمعت رسول الله يقول: " إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَرَمًا وَإِنَّ المَدِينَةُ حَرَمِي، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ". قال: " وأشهد بالله أنَّ عَلِيًّا أَحْدَثَ فيها "!! فلما بلغ معاوية قوله أجازه وأكرمه وولاَّهُ إمارة المدينة» (١).

هذه أخبار مختلفة استشهد بها عبد الحسين ليدعم زعمه أنَّ أبا هريرة كان عميلاً للأمويِّين، وَضَّاعًا للحديث. إلاَّ أنَّ هذه الأخبار مردودة سَنَدًا وَمَتْنًا.

١ - أما من حيث السند. فإنَّ ابن أبي الحديد صاحب " شرح نهج البلاغة " نقل هذه الأخبار عن شيخه محمد بن عبد الله أبي جعفر الإسكافي (- ٢٤٠ هـ) وهو من أئمة المعتزلة المُتَشَيِّعِينَ، والعداء مستحكم بين المعتزلة وأهل الحديث من أواخر القرن الأول الهجري وأصبح مُتَوَارَثًا بعد هذا القرن. وأترك التعريف بأبي جعفر وتزكيته لتلميذه ابن أبي الحديد فيقول: «ذكر شيخنا أبو جعفر الإسكافي - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - وكان من المُتَحَقِّّقِينَ بموالاة عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - والمُبالغين في تفضيله وإنْ كان القول بالتفضيل عَامًّا شَائِعًا في البغداديِّين من أصحابنا كافة، إلاَّ أنَّ أبا جعفر أَشَدُّهُمْ في ذلك قولاً، وأخلصهم فيه اعتقادًا (٢)».


= الهامش على هذا الخبر فقال: يدل هذا القول على أن كذب أبي هريرة على النبي قد اشتهر حتى [عَمَّ] الآفاق، لأنه قال ذلك وهو بالعراق وأن الناس جَمِيعًا كانوا يتحدثون عن هذا الكذب في كل مكان. (هامش الصفحة ١٩٠ من " أضواء على السنة "). انظر إلى هذا المؤلف الذي أخذ من أستاذه وتفوق عليه بالاستنباطات الخيالية، من غير أن يتثبت من صحة الرواية، ولكن له وقفة بين يدي الله تعالى.

(١) " أبو هريرة " لعبد الحسين: ص ٣٨، ٣٩.
(٢) " شرح نهج البلاغة ": ص ٤٦٧ جـ ١ طبعة بيروت، وانظر ترجمته في " لسان الميزان ": ص ٢٢١ جـ ٥.