للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد كشف أهل الحديث عن هؤلاء الكذبة، لذلك ناصبت أكثر الفرق أصحاب الحديث العداء، فتتبعوا أحوالهم واخترعوا الأباطيل، لتفقد الأُمَّة الثقة بهم، من ذلك ما فعله المعتزلة والروافض وبعض فرق الشيعة، ومن أراد الاطلاع على بعض هذا فليراجع كتاب " قبول الأخبار " للبلخي.

ولكن الله أبى إلاَّ أنْ يكشف أمر هذه الفرق، ويميط اللثام عن وجوه المُتَسَتِّرِينَ وراءها، فكان أصحاب الحديث هم جنود الله - عَزَّ وَجَلَّ -، بَيَّنُوا حقيقة هؤلاء، وأظهروا نواياهم وميولهم، فما من حديث، أو خبر يطعن في صحابي، أو يُشَكِّكُ في عقيدة، أو يخالف مبادئ الدين الحنيف إلاَّ بَيَّنَ جهابذة هذا الفن يد صانعه، وكشفوا عن علَّته.

فَادِّعَاءُ المؤلف مردود حتى يثبت زعمه بِحُجَّةٍ صحيحة مقبولة. وكيف نَتَصَوَّرُ معاوية يُحَرِّضُ الصحابة على وضع الحديث كَذِبًا وَبُهْتَانًا وَزُورًا، ليطعنوا في أمير المؤمنين عَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، وقد شهد ابن عباس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - لمعاوية بالفضل والعقل والفقه (١) وقد ذكر ذلك البخاري في " صحيحه "، فهل لهؤلاء أنْ يَتَّهِمُوا حبر الأُمَّة وعالمها بالكذب، أو بالتشيُّع لمعاوية؟!! (٢) هذا لا يمكن، وشهادة ترجمان القرآن صحيحة، وبذلك ننفي تُهمة عبد الحسين.

وقد افترى الإسكافي على الصحابة الذين ذكرهم، وَبَيَّنَ ابن العربي في " العواصم من القواصم " جَانِبًا من أمرهم ومكانتهم وورعهم، كما بَيَّنَتْ كُتُبُ التراجم


(١) انظر " فتح الباري ": ص ١٠٤، ١٠٥ جـ ٨.
(٢) انظر " أضواء على التاريخ ": ص ١٩١ وما بعدها. فللأستاذ محب الدين الخطيب كلمة قيمة في معاوية يجدر الاطلاع عليها ...