للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعد وفاة الرسول الكريم - عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ أَفْضَلَ الصَلاَةِ وَأَتَمَّ التَّسْلِيمِ -.

فالأمر ليس مهولاً، يحتاج إلى تفكير أرباب العقول كما ادَّعَى!؟؟ وهل يقصد بأرباب العقول النَظَّام والجاحظ!؟.

إنَّ نظرة مُجَرَّدَةً عن الهوى تدرك أَنَّ مَا رُوِيَ عن أبي هريرة من الأحاديث لا يثير العجب والدهشة، ولا يحتاج إلى هذا الشغب الذي اصطنعه أهل الأهواء، وأعداء السُّنَنِ، وَإِنَّ ما رواه عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، سواء سمعه منه أو من الصحابة لا يشك فيه لِقِصَرِ صُحْبَتِهِ، بل إِنَّ صُحْبَتَهُ تحتمل أكثر من هذا، لأنها كانت في أعظم سنوات دولة الإسلام دعوة ونشاطًا وتعليمًا وتوجيهًا في عهد رسول الله - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ -.

وأما طعنهم في حدين الوعاءين، وَتَهَكُّمُهُمْ على أبي هريرة، واستهزاؤهم بما في وعائه من العلم الذي لم ينشره، وتساؤلهم عن ذلك العلم، كل هذا قد طرقه العلماء، وَبَيَّنُوا أَنَّ ما عنده مِمَّا لم ينشر لا يتعلق بالأحكام أو الآداب، وليس مِمَّا يقوم عليه أصل من أصول الدين، بل بعض أشراط الساعة، أو بعض ما يقع لِلأُمَّةِ من الفتن (١) ويدل على ذلك حديثه الذي ذكر بعضه مؤلف كتاب " أبو هريرة " (٢) ولم يذكر تعليق راويه الذي يُبَيِّنُ قصد أبي هريرة، قال أبو هريرة: «لَوْ حَدَّثْتُكُمْ بِكُلِّ مَا فِي جَوْفِي لَرَمَيْتُمُونِي بِالبَعْرِ». قَالَ الحَسَنُ - رَوِاي الحَدِيثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -: «صَدَقَ وَاللَّهِ .. لَوْ أَخْبَرَنَا أَنَّ بَيْتَ اللَّهِ يُهْدَمُ [وَيُحْرَقُ] مَا صَدَّقَهُ النَّاسُ!!» (٣).


(١) انظر هامش (١) ص ٤٦٢ من هذا الكتاب، وراجع " فتح الباري ": ص ٢٢٧ جـ ١، و" الرد على المنطقيين ": ص ٤٤٥، ٤٤٦.
(٢) انظر " أبو هريرة " لعبد الحسين شرف الدين: ص ٥٠ - ٥٢.
(٣) " طبقات ابن سعد ": ص ٥٧ قسم ٢ جـ ٤، وص ١١٩ قسم ٢ جـ ٢.