للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُلْ لَهُ: «يَقُولُ لَكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: مَا هَذَا الحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَقَدْ أَكْثَرْتَ، لَتَنْتَهِيَنَّ أَوْ لأَلْحَقَنَّكَ بِجِبَالِ دَوْسٍ ... » (١)، ولكن هذا الخبر رُوِيَ عن عمر بن الخطاب، ولم نر إلاَّ هذه الرواية عن عثمان - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، ولو صَحَّتْ فليس فيها طعن في أبي هريرة، لأنه ينهاه عن الإكثار من الرواية عندما لا تكون هناك حاجة إلاَّ الإكثار منها، وأبو هريرة نفسه لم ير في هذا مَطْعَنًا، ولم يترك كل هذا أَثَرًا في نفسه، فنراه يوم الدار يدافع عن الخليفة الراشد الثالث - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -.

[ج] أَبُو هُرَيْرَةَ وَعَلِيٌّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -:

لم يذكر مصدر موثوق به ما يدل على أنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - كَذَّبَ أبا هريرة أو نهاه عن التحديث، إلاَّ أنَّ بعض أعداء أبي هريرة يستشهدون برواية ضعيفة عن أبي جعفر الإسكافي، وَأَنَّ عَلِيًّا لما بلغه حديث أبي هريرة قال: «أَلاَ إِنَّ أَكْذَبَ النَّاسِ - أَوْ قَالَ: أَكْذَبَ الأَحْيَاءِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - أَبُو هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيُّ» (٢). فهذه رواية مردودة لا نقبلها عن الإسكافي، لأنه صاحب هوى دَاعٍ إِلَى هَوَاهُ.

وَقَدْ رَدَّ ابن قتيبة على جميع ما ألصقوه بالإمام عَلِيٍّ طَعْنًا في أبي هريرة (٣).


(١) " المحدث الفاصل بين الراوي والواعي ": ص ١٣٣.
(٢) " شرح نهج البلاغة "، طبعة بيروت: ص ٤٦٨ جـ ١، و " أبو هريرة ": ص ٢٧٣.
(٣) انظر " تأويل مختلف الحديث ": ص ٢٧ و ٥١ وما بعدها، ومما يؤسف له أن عداءهم لأبي هريرة أعمى بصيرتهم فساقهم هواهم إلى اختلاق أخبار على أمير المؤمنين عَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، وأمير المؤمنين من كل هذا براء، انظر كتابنا " أبو هريرة راوية الإسلام ": الفصل الثاني (أبو هريرة وعَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -).