للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمسلمين جَمِيعًا على طلبه، ولم يكتف بذلك بل أمر بتبليغه.

٢ - حَضُّهُ عَلَى تَبْلِيغِ العِلْمِ:

إنَّ الغاية من العلم أن ينتفع أصحابه، وينفعوا غيرهم به، ولا فائدة من علم مكتوم أو فقه في صدور العلماء، لا ينال منه الناس شيئًا، لذلك أمر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بنشر العلم، وَحَرَّمَ كتمانه، وذكر ذلك في مناسبات كثيرة، وشهد على هذا ألوف المسلمين. قال ابن مسعود: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «نَضَّرَ اللهُ امْرُءًا سَمِعَ مِنَّا حَدِيْثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَحْفَظُ لَهُ مِنْ سَامِعٍ» (١) والحديث مشهور، وطرقه كثيرة بألفاظ متقاربة، منها: «رُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ» ومنها: «نَضَّرَ الله عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا، ثُمَّ أَدَّاهَا إلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لاَ فِقْهَ لَهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، ثَلاَثٌ لاَ يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ الْمُؤْمِنُ: إِخْلاَصُ الْعَمَلِ للهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَطَاعَةُ ذَوِي الأَمْرِ، وَلُزُومُ الْجَمَاعَةِ، فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تَكُونُ مِنْ وَرَائِهِمْ» (٢).

وكان يُبَلِّغُ الوفود التي تَفِدُ إليه أنْ يحملوا الإسلام إلى من خلفهم، ويُفَقِّهُوهُمْ في الدين، ومن ذلك ما فعله عندما قدم إليه وفد عبد القيس، قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنِ الْقَوْمُ؟ قَالُوا: رَبِيعَةُ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالقَوْمِ - أَو الْوَفْدِ -


(١) " مسند الإمام أحمد ": ص ٩٦ حديث ٤١٥٧ جـ ٦ بإسناد صحيح، ورواه الترمذي وابن ماجه وابن حبان.
(٢) " الجرح والتعديل ": ص ٩ و ١٠ و ١١ جـ ١. وانظر " سنن ابن ماجه ": ص ٨٤ - ٨٥ جـ ١، و" جامع بيان العلم ": ص ٣٩ جـ ١، رواه عن زيد بن ثابت.