للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزهري رجل صلاح واستقامة، يبين للخلفاء الحق مهما كان مُرًّا، وكان يحملهم على سواء السبيل ولا يداهنهم أو يمالئهم، ومن هذا ما رواه ابن عساكر بسنده إلى الإمام الشافعي عن عمه قال: دَخَلَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ عَلَى هِشَامٍ فَقَالَ: «يَا سُلَيْمَانُ، مَنْ الذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ؟» فَقَالَ لَهُ: «عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ بْنِ سَلُولٍ»، فَقَالَ لَهُ: «كَذَبْتَ هُوَ عَلِيٌّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ»، قَالَ: «أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُ»، فَدَخَلَ ابْنُ شِهَابٍ، فَقَالَ لَهُ: «مَنْ الذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ؟» فَقَالَ لَهُ: «عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ بْنِ سَلُولٍ»، فَقَالَ لَهُ: «كَذَبْتَ هُوَ عَلِيٌّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ»، فَقَالَ لَهُ: «أَنَا أَكْذِبُ، لاَ أَبًا لَكَ؟ فَوَاللهِ لَوْ نَادَانِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنَّ اللهَ أَحَلَّ الكَذِبَ مَا كَذَبْتُ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الوَلِيدِ وَسََعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَعَلْقَمَةُ بْنَ وَقَّاصٍ كُلُّهُمْ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ الذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ هُوَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ»، فَلَمْ يَزَلْ القَوْمُ يُغِرُّونَ بِهِ، فَقَالَ لَهُ هِشَامٌ: «ارْحَلْ فَوَاللهِ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَحْمِلَ عَنْ مِثْلِكَ»، فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: «وَلِمَ ذَاكَ؟ أَنَا اغْتَصَبْتُكَ عَلَى نَفْسِي، أَوْ أَنْتَ اغْتَصَبْتَنِي عَلَى نفسي؟ فَخَلِّ عَنِّي»، فَقَالَ لَهُ: «لاَ، وَلَكِنَّكَ اسْتَدَنْتَ أَلْفَيْ أَلْفٍ»، فَقَالَ: «قَدْ عَلِمتَ وَأَبُوكَ قَبْلَكَ أَنِّي مَا اسْتَدَنْتُ هَذَا المَالَ عَلَيْكَ وَلاَ عَلَى أَبِيكَ»، فَقَالَ: «إِنَّا نُهِيِّجَ الشَّيْخَ فَيَهْتَمَّ (١) الشَّيْخُ»، ثُمَّ أَمَرَ (٢) فَقَضَى عَنْهُ مِنْ دَيْنِهِ أَلْفَ أَلْفٍ. وَأُخْبِرَ (٣) بِذَلِكَ، فَقَالَ: «الحَمْدُ للهِ الَّذِي هَذَا هُوَ مِنْ عِنْدِهِ» (٤)، (٥).


(١) في الأصل يهتم، وما أثبتناه أصوب لغة.
(٢) في الأصل (فَآمَرَ). في الأصل (فَأُخْبِرَ) وآثرنا تصحيحه كما أثبتناه لتستقيم العبارة.
(٣) في الأصل (فَآمَرَ). في الأصل (فَأُخْبِرَ) وآثرنا تصحيحه كما أثبتناه لتستقيم العبارة.
(٤) هكذا النص.
(٥) " تاريخ دمشق ": ص ٥٩٤، ٥٩٥ جـ ٣١.