للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واعتذروا عن ابن عيينة اعتذارًا خاصًا، فقبلوا تدليسه (١)، لأنه إذا وقف أحال على ابن جُريج ومعمر (٢) ونظرائهما.: وَرَجَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ (٣) قَالَ: «وَهَذَا شَيْءٌ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا إِلاَّ لِسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، فَإِنَّهُ كَانَ يُدَلِّسُ وَلاَ يُدَلِّسُ إِلاَّ عَنْ ثِقَةٍ مُتْقِنٍ، وَلاَ يَكَادُ يُوجَدُ لَهُ خَبَرٌ دَلَّسَ فِيهِ إِلاَّ وَقَدْ بَيَّنَ سَمَاعَهُ، عَنْ ثِقَةٍ مِثْلِ ثِقَتِهِ» (٤).

واعتذروا عن رواة " الصحيحين " المشاهير بالتدليس اعتذارًا عَامًّا، بأن تدليسهم ضرب من الإبهام وليس كذبًا، فما رووه يعرف فيه السماع، كسمعت وحدثنا وأخبرنا ونحوها (٥). ويحتمل أن الشيخين، البخاري ومسلمًا،


= الأعلام، وعالم أهل الشام. ثم قال: قال أبو مسهر: الوليد مدلس، وربما دلس عن الكذابين، فإذا قال: «الوَلِيدُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَوْ عَنْ الأَوْزَاعِيِّ» فليس يعتمد لأنه يدلس عن الكذابين، وإذا قال: «حَدَّثَنَا» فهو حجة. توفي سَنَةَ ١٩٥ هـ. (قارن بـ " تذكرة الحفاظ ": ١/ ٣٠٢).

(١) جميع هؤلاء الأئمة المشاهير بالتدليس من رواة " الصحيحين ". وقد أشار إلى ذلك صاحب " توضيح الأفكار ": ١/ ٣٥٣، ٣٥٤. وذكر السيوطي بعضهم في " التدريب ": ص ٨٠.
(٢) ابْنُ جُرَيْجٍ هو الفقيه المكي عبد الملك بن عبد العزيز بن جريح الرومي الأموي مولاهم، أول من صنف الكتب. توفي سَنَةَ ١٥٠ هـ (" تذكرة الحفاظ ": ١/ ١٦٩، ١٧٠).
ومعمر هو الإمام الحجة أحد الأعلام، معمر بن راشد، أبو عروة الأزدي مولاهم، توفي سنة ١٥٣ على الأرجح (" تذكرة الحفاظ ": ١/ ١٩٠، ١٩١).
(٣) هو أحد الحفاظ الكبار صاحب التصانيف العديدة، محمد بن حبان بن أحمد بن معاذ الميني الدارمي البُسْتِيِّ - بضم الباء وإسكان السين - أبو حاتم. له " التقاسيم والأنواع " في خمس مجلدات، وترتيبه مخترع ليس على الأبواب ولا على المسانيد. توفي سنة ٣٥٤ هـ.
(٤) " التدريب ": ص ٧٩.
(٥) نفسه: ص ٨٠.