للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثَّامِنُ - الشَّاذُّ: (١)

تعريف الشاذ عسير، ولعسره لم يفرده العلماء بالتصنيف (٢)، غير أن أهم ما يلاحظ فيه معنيان: الانفراد والمخالفة، فهو- بصورة عامة - ما رواه الثقة مُخَالِفًا الثقات، وهو - بتعبير أدق - «مَا رَوَاهُ المَقْبُولُ مُخَالِفًا لِمَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ»، وقد صرح الحافظ ابن حجر بأن هذا هو المعتمد في تعريف الشاذ بحسب الاصطلاح (٣).

ويوشك ابن حجر، بهذا التعريف المعتمد للشاذ، أن يقرب شقة الخلاف بين اصطلاحيين مشهورين يظن الناس تضاربهما. وقد نسب هذان المصطلحان إلى كل من الإمام الشافعي (٤)، والحاكم.

أما الشافعي فيقول: «لَيْسَ الشَّاذُّ مِنَ الحَدِيثِ أَنْ يَرْوِيَ الثِّقَةُ مَا لا يَرْوِيهِ غَيْرُهُ، هَذَا لَيْسَ بِشَاذٍّ، إِنَّمَا الشَّاذُّ أَنْ يَرْوِيَ الثِّقَةُ حَدِيثًا يُخَالِفُ فِيهِ النَّاسَ:


(١) سمي شَاذًّا لانفراده، لأن الشاذ منفرد عن الجمهور. (" التوضيح ": ١/ ٣٧٧).
(٢) " التدريب ": ص ٨١.
(٣) " شرح النخبة ": ص ١٤.
(٤) الإمام الشافعي أشهر من أن يُعَرَّفَ بِهِ. فهو الإمام الذي ملأ طباق الأرض علمًا، وصاحب المذهب المُسَمَّى باسمه، محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع، وإلى جده الأخير هذا نسب فعرف بالشافعي. وهو قرشي مطلبي مكي، كنيته أبو عبد الله، وكانت أمه أزدية. حدث عن مالك بن أنس، وسفيان بن عيينة، وعبد الملك بن الماجشون، وأخذ الفقه عن مسلم بن خالد الزنجي. له كتب كثيرة في التفسير والحديث والفقه والأدب، ولكن أشهرها " الرسالة "، وله كذلك " الأم " و" المبسوط ". توفي بمصر سَنَةَ ٢٠٤ هـ عن أربع وخمسين سَنَةً.