للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفرد به عمر، وعنه علقمة، وعنه محمد بن إبراهيم التَّيْمِيِّ، وعنه يحيى بن سعيد الأنصاري (١). على أننا نبهنا إلى بعض المتابعات الغرائب التي أحصاها العلاء لهذا الحديث، واتضح لنا - من تعليقات النقاد - أن الحديث رغم المتابعات لم يصح من طريق عمر إلا الطريق المتقدمة (٢).

ولقد زعم ابن العربي أنه روى حديث النية من ثلاثة عشر طريقًا، فطعن عليه بعض أهل بلدته لما لم يبرز لهم بيان ما ادعاه من الطريق، فقال:

يَا أَهْلَ حِمْصَ (٣) وَمَنْ بِهَا أُوصِيكُمُ ... بِالبِرِّ وَالتَّقْوَى وَصِيَّةَ مُشْفِقِ

فَخُذُوا عَنِ العَرَبِيِّ أَسْمَارَ الدُّجَى ... وَخُذُوا الرِّوَايَةَ عَنْ إِمَامٍ مُتَّقِ

إِنَّ الفَتَى ذَرِبُ اللِّسَانِ مُهَذَّبٌ ... إِنْ لَمْ يَجِدْ خَبَرًا صَحِيحًا يَخْلَقُ (٤)

وإذا لم يسلم للحاكم حديث النية هذا مثالاً عن الشاذ، لأنه - على تفرده - صحيح، والصحيح لا يكون شَاذًّا، فما أكثر الأمثلة التي ذكرها الجمهور استشهادًا على الشاذ في تعريفه المعتمد، وهي - في الوقت نفسه - صالحة للاستشهاد على تعريف الحاكم، إذ كانت مخالفة الثقات فيها صورة من فقدان الأصول المتابعات. ومن أوضح الأمثلة على ذلك ما رواه أبو داود والترمذي من حديث عبد الواحد بن زياد عن الأعمش، عن أبي هريرة مرفوعًا: «إِذَا


(١) " اختصار علوم الحديث ": ص ٦١. وقارن بما ذكرناه عن الآحادي حين يستفيض: ص ١٥٠.
(٢) راجع ص ٥٩ ح ١ من كتابنا هذا.
(٣) أراد الشاعر بحمص إشبيلية لأنه يقال لها ذلك، وابن العربي من إشبيلية.
(٤) " التوضيح ": ١/ ٣٨١.