للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«البَاذِنْجَانُ لِمَا أُكِلَ لَهُ» (١).

واشتهار الحديث أمر نسبي (٢)، فقد يكون مشهورًا بين أهل الحديث خاصة، وقد يكون مشهورًا بينهم وبين غيرهم من العلماء والعامة. ومن هنا قيل: إن حديث «أَبْغَضُ الحَلاَلِ إِلَى اللَّهِ الطَّلاَقُ» مشهور عند الفقهاء، وحديث «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» مشهور عند الأصوليين، وحديث «نِعْمَ العَبْدُ صُهَيْبٌ لَوْ لَمْ يَخَفِ اللَّهَ لَمْ يَعْصِهِ» مشهور عند النحاة، وحديث «مُدَارَاةُ النَّاسِ صَدَقَةٌ» مشهور عند العامة. أما حديث «المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» فمشهور عند أهل الحديث والعلماء والعوام في آن واحد (٣).

لكن المشهور الاصطلاحي الذي يعرفه نقاد الحديث لا يراد به ما اشتهر على ألسنة الناس من العلماء والعامة، بل الحديث الذي روته الجماعة ثلاثة أو أكثر (٤)، وأمثلته، على كثرتها، لا يقف عليها غير أهل الحديث والمجتهدين في جمعه ومعرفته (٥)، ومن أوضحها حديث أنس «أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَنَتَ شَهْرًا بَعْدَ الرُّكُوعِ يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ» أخرجه الشيخان من رواية سلمان التيمي عن أبي مَجْلِزٍ عن أنس (٦). قال الحاكم مُوَضِّحًا


(١) وقد صرح السيوطي بوضعها فقال: «وَكُلُّهَا بَاطِلَةٌ لاَ أَصْلَ لَهَا». " التدريب ": ص ١٨٩.
(٢) " اختصار علوم الحديث ": ص ١٨٥.
(٣) راجع هذا كله مع تفصيلات أخرى في " التدريب ": ص ١٨٩. وقارن بـ " التوضيح ": ٢/ ٤٠٨.
(٤) " التوضيح ": ٢/ ٤٠٩.
(٥) " معرفة علوم الحديث ": ص ٩٤.
(٦) " التدريب ": ص ١٨٩.